لو أنصف العرب أرضهم، وتخلوا عن الخوف، والمصالح القطرية، والشك لكان يمر عبر جزيرة العرب أنبوب ماء من شط العرب، أو من الفرات بواسطة الدفع الآلي، أي الضخ بواسطة ماكينات ضخ عملاق من أقوى ما أنتجته صناعات ماكينات الضخ. ففي عهد الحرب العراقية - الإيرانية مر أنبوب نفط من العراق إلى ميناء ينبع. أي عَبَر الجزيرة العربية - ولو وضعوا بجانبه أنبوبا آخر للماء. ينتهي إلى محطات ضخ، تضخه إلى محطات أخرى، ولو للري والسقيا الزراعية، أو ملء الأودية بالمياه بدلاً من ضياعها في مياه الخليج العربي. حفرنا أخاديد ووضعنا الأنابيب بربطاتها، وحرسناها أفلا نكون - آنذاك - قادرين على ترطيب الوديان التي يمر بها النفط بمياه شط العرب. وتجربتنا مع التابلاين. خط أنابيب نفطي يمتد من القيصومة بالمملكة العربية السعودية حتى ميناء صيدا في لبنان. جاء اسم تابلاين من اختصار عبارة "Trans-Arabian Pipeline" والتي تعني بالعربية "خط الأنابيب عبر البلاد العربية". تلك التجربة رغم قدمها (في العام 48 م) نجحت وتغلّبت على كل الصعوبات من تضاريس ورمال وغيرها. نقل النفط إلى الأسواق الاستهلاكية في كل من أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية. تجربتان كبيرتان، وعندنا وفي رمالنا العطشى لم تعطنا العزيمة على التفكير في ضخ شيء من مياه شط العرب الذي يصب في الخليج العربي هدرا. لندع الاعتماد الكلي على هذا التزويد جانبا، ولنتحدّث عن محطات ضخ عبر الصحراء، وإذا اتفقنا أن الدهر كله عبارة عن فلسفات وتجارب وتحديات، لوجدنا أن زبيدة زوج هارون الرشيد قد نفّذت شيئا مماثلا وعلى قدر الحاجة والإمكانات المتاحة. فلخدمة حجاج العراق أوجدت طريقا عُرف تاريخيا باسم طريق زبيدة. ونشرت برك مياه، وهذه البرك المخصصة لتجميع المياه تقع على طريق قوافل الحج القادمة من العراق أحد الطرق التي تسمى بطريق زبيدة. فانتفع الحجاج والركبان والعابرة. وبهذه البرك قضت زبيدة لا على الظمأ، بل حتى على وحشة الصحراء وتيهها. الغربيون أوحوا بفكرة التابلاين لتسهيل نقل النفط وتسريعه إلى موانئ المتوسط. فكيف أمنّا على النفط من التقلبات السياسية ولا نؤمن على أنبوب ماء يروي العطش.