أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن المستهدف من مشاريع البلدات التراثية الذي تعمل عليها الهيئة وشركاؤها والمجتمعات هم المواطنون من أهالي تلك البلدات وسكان المدن المحيطة الذين يتوقون للخروج من صخب المدينة ليعيشوا تجربة سياحية ممتعة في تلك البلدات بعد تأهيلها، مبيناً أن مشاريع تأهيل البلدات التراثية التي تقوم عليها الهيئة هي مشاريع تضامنية تحفظ تاريخ تلك البلدات وأهاليها عبر الأجيال المتعاقبة التي أسهمت في بناء الوحدة المباركة للمملكة. وبيّن الأمير سلطان أن الهيئة تعمل على تلبية الطلب المتزايد على توفير الخدمات والبرامج السياحية ليستمتع المواطن ببلاده ويعيشها بكل جوانبها ويسعد فيها لا مجرد أن يسكنها دون أن يتمكن من الترويح عن نفسه وأسرته، ودون أن يعرف تاريخها ويطّلع على شواهد هذه الوحدة المباركة التي تكوّنت عبر أجيال من المواطنين المخلصين الذين خرجوا من جميع قرى وبلدات هذه البلاد المباركة. وقال سموه في كلمته في حفل أهالي مركز رغبة لجمع مساهمات الأهالي لتأهيل البلدة التاريخية الذي أقامه عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض في مركز رغبة أمس الأول "أنا أسعد اليوم بزيارة هذه البلدة العزيزة والاجتماع بأهلها الأعزاء الكرام، وقد جئت إلى هنا في إطار توجيهات سمو سيدي أمير منطقة الرياض وسمو نائبه للاطلاع على مواقع التراث العمراني في المنطقة والعمل مع الأهالي لتأهيلها". وأطلق سموه مسمى بلدة "رغبة التاريخية" بدلا من البلدة القديمة لأن الكثير من الناس ارتبط في أذهانهم مفهوم القديم بغير المهم الذي يعملون على هدمه أو إهماله، وأسوة بما تم إطلاقه على موقع الدرعية التاريخية وجدة التاريخية التي تم تغيير اسمها من القديمة إلى التاريخية، مبينا أنه من المعجبين بالبلدة التاريخية في رغبة وببرجها التراثي الشهير الذي يشكل عنصرا جماليا وتاريخيا مهماً في المنطقة، مشيرا إلى أنه زارها عدة زيارات خاصة وقام بالتقاط عدد كبير من الصور الجميلة. وعبر سموه عن تقديره للجهات الحكومية الخدمية التي أكدت التزامها بالإسهام في تطوير البلدة التاريخية وإيصال الخدمات وفي مقدمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية التي تعد الشريك الأساس مع الهيئة في المشروع، إضافة إلى وزارة النقل ووزارة المياه والكهرباء، وكذلك وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في مجال ترميم المساجد في البلدة التاريخية. كما أعرب عن تقديره لإسهام عدد من الأهالي بالتبرعات لتضاف للصندوق الذي تم تأسيسه باسم البلدة التاريخية في رغبة، إضافة إلى التبرع الذي أعلن عنه لتجهيز مخطط شامل لتطوير البلدة التاريخية وجرى التوقيع عليه أثناء الحفل ليكون جاهزاً خلال ستة أشهر. وجدد الأمير سلطان التأكيد على حرص الهيئة من خلال مشاريع التراث العمراني في جميع مناطق المملكة بوصفه مهمة أصيلة للهيئة العامة للسياحة والآثار تستهدف المحافظة على التراث العمراني الذي يعد مكوناً أساساً للثقافة المحلية، ووسيلة مهمة لعرض التاريخ المحلي وإخراجه من بطون الكتب ليكون معاشاً يسهم في إخراج المواطنين عموماً والشباب منهم خاصة من مواقع العيش الافتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي والبقاء في عزلة عن بلادهم حاضرها والمواقع التي احتضنت تاريخها. وأضاف "نحن لا نريد اليوم ترميم البلدة التاريخية بل نريد إحياءها كمشروع تراثي واقتصادي واجتماعي، معربا عن تفاؤله بأن تصبح البلدة التاريخية بعد تأهيلها مصدر جذب سياحي في المنطقة، خاصة وأن "رغبة" تنعم مثل غيرها من المناطق والبلدات المنتشرة على امتداد المملكة بأهالي محبين لوطنهم، وتتميز بتوسطها للعديد من مدن ومحافظات منطقة الرياض، وقربها من العاصمة، وهي فرصة اقتصادية للبلدة أن تشارك في المسار التراثي الثقافي السياحي. ونوه إلى أن البلدة بعد تأهيلها ستوفر فرص عمل لأهالي مركز رغبة ومصدرا اقتصاديا يستفيدون منه، وهذا ما يميز الأنشطة السياحية وتسعى الهيئة إلى تحقيقه، لا سيما بعد صدور قرار مجلس الوزراء بإقرار الإستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية التي ستسهم في ضخ كبير لفرص العمل للأسر المنتجة والحرفيين والأسواق التراثية، مبديا أمله في البدء سريعا في المشروع والانتهاء منه خلال سنتين، مشيرا إلى أن هناك قرى وبلدات تراثية بدأ أهلها في الترميم وإنشاء جمعيات تعاونية لهذا الغرض وحصلوا على قروض من بنك التسليف للترميم، وبلدة "رغبة" بدأت السير في هذا الطريق. ودعا سموه أهالي رغبة إلى المساهمة في الصندوق كما ساهم أهالي قرى في المملكة في إنشاء الجمعيات والصناديق لترميم بلداتهم التراثية، مضيفا "نحن سنقدم العمل والمال وكذلك الجهات الحكومية التي نعتز بشراكتها معنا ولكننا عادة لا نتحرك للعمل في ترميم وتأهيل البلدات التراثية إلا بعد أن نطمئن بقناعة المجتمعات المحلية وتحركهم بالمساهمة في مشاريع التأهيل، لأن هناك آلاف المواقع التراثية في مناطق المملكة التي لا نستطيع أن نغطيها كلها إلا بوجود دعم ومساهمة من المجتمعات المحلية".