لو قيل لي ما الكتاب الذي أثر في طريقة قراءتك للكتب لقلت كتاب التذكرة التيمورية ولو قيل لي ما الكتاب الذي من الممكن أن تصطحبه معك في السفر لقلت التذكرة التيمورية ولو قيل لي ما الكتاب الذي من الممكن أن تهديه لقلت التذكرة التيمورية ، يعتبر هذا الكتاب مدرسة بحق في طريقة قراءة الكتب وطريقة تجميع الفوائد منها وطريقة تنظيم هذه الفوائد لكي يسهل الرجوع لها بكل يسر، ولا أكون مبالغا إذا قلت ان هذا الكتاب مهما قرأته لا تمله لما فيه من التنوع والترتيب وخلوه من الحشو والحذلقة فالمعلومة هي الحكم في هذا الكتاب، وقد استفاد منه الكثير من الناس من غير عزو له ولا شكر وهي آفة أصبحت منتشرة بين أدعياء العلم وطلابه. كان أحمد تيمور باشا مؤلف هذه التذكرة وغيرها واسع الاطلاع وكان يدون كل فائدة ومعلومة في جزازة ورق ويرتبها ولم يغفل عن ذلك ابدا وبعد أن كثرت عنده هذه الجزازات التي استخرجها من بطون الكتب من خلال القراءة المتأنية والصبورة فعمل ((كتاب معجم الفوائد )) وهو للأسف لا يزال مخطوطا وهذا الكتاب أي معجم الفوائد هو الأم لجميع مؤلفات أحمد تيمور باشا وهي تقريبا ثلاثون عنوانا منها: التذكرة والتصوير عند العرب ، وقاموس الكلمات العامية، وذيل تاريخ الجبرتي، وتصحيح لسان العرب، وتصحيح القاموس المحيط، وغيرها كثير كان سبّاقا في موضوعاتها ومادتها العلمية بل أنفق ثروته في جمع المخطوطات وحفظها ولم يكن جماعا للمخطوطات بل كان عارفا بها مطلعا على مجملها أفنى عمره في البحث عنها ولم يكتف بما كان يعثر عليه في السوق المصري بل كان يبذل ماله في استنساخها سواء كانت في العراق أو الهند أو الشام الى غير ذلك ومن المعروف انه لم يكن في عصره اجهزة تصوير الورق لهذا كان يدفع من ماله لمن ينسخ له مخطوطا خارج الديار المصرية ومر بأزمات مالية وبعد وفاته في سنة 1930م نقلت مكتبته الى دار الكتب المصرية وهي نحو 18 الف مجلد رحمه الله رحمة واسعة.