هناك العديد من القطاعات كان يفترض تخصيصها منذ سنوات طويلة ، لكن لأسباب مجهولة كان ذلك التعثر أو التأخر. وليست هذه المقالة للمطالبة بمحاسبة الجهات التي تقاعست في تنفيذ هذا الخيار التنموي الذي أعلنت عنه الدولة، ولكنها لحث وزارة الاقتصاد والتخطيط وأمانة المجلس الاقتصادي الأعلى من أجل نفض الغبار عن هذا الملف والإسراع في متابعة تخصيص العديد من القطاعات ، ومعالجة المعوقات التي تواجه التخصيص والذي لو تم بطريقة شاملة وفعالة فإنه سيحقق أهدافا وطنية إستراتيجية في غاية الأهمية منها مساهمته في رفع كفاءة الموارد البشرية السعودية وإيجاد مزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين والمواطنات بأجور أعلى، كما حدث في تجربة تخصيص قطاع الاتصالات . ومن القطاعات التي يفترض تخصيصها بالكامل الطيران والمياه والبريد والمؤانىء والأندية الرياضية والبلديات وجزء كبير من الخدمات الطبية وغيرها ، كما يمكن تشجيع شركات القطاع الخاص على القيام بأعمال مساندة لجهود الدولة في بعض المجالات مثل التسجيل العقاري وتأسيس شركات تقوم بمكافحة التستر ومواجهة ظاهرة هروب العمالة وتزايد أصحاب الإقامات غيرالنظامية التي أسهمت في خلل خطير في سوق العمل أمنيا واقتصاديا . إن الجهاز الحكومي يعاني من تضخم كبير أصابه بالترهل وضعف الأداء في أكثر من مجال مع وجود ظاهرة البطالة المقنعة في العديد من الأجهزة ، ومعالجة هذه الأزمة تستوجب القيام بعدة خطوات منها التخصيص ، بحيث تركز الدولة على الأعمال الإشرافية وإدارة المجالات التي لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها مما يسهم في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الأجهزة الحكومية والعاملين بها وتخفيف المصروفات في الميزانية الحكومية وهنا يمكن أن تتوسع الدولة في تأسيس شركات مساهمة بمشاركة القطاع الخاص المحلي والشركات العالمية المتخصصة في القطاعات المستهدفة بالتخصيص ، وهذا الوقت مناسب جدا لزيادة الدولة لاستثماراتها في الداخل في مشاريع تحقق لها عوائد مستقبلية تحمي الاقتصاد السعودي من تذبذبات أسعار النفط وتحد من الاعتماد المطلق عليه . وهكذا يتضح أن لبرامج التخصيص أهدافا تنموية كبرى في أكثر من مسار وبقي" السرعة" و"الفاعلية " في التنفيذ على أرض الواقع .