انطلقت بعد ظهر أمس الخميس من القصر الحكومي في بغداد أعمال القمة العربية الدورية العادية ال 23 والمؤجلة من العام الماضي والتي تعقد تحت شعار "يداً بيد شعوباً وقادة" برئاسة الرئيس العراقي جلال الطالباني ومشاركة عشرة من القادة والزعماء العرب، ترأس خلالها وفد المملكة سفير خادم الحرمين الشريفين ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية احمد بن عبدالعزيز قطان. كما شارك في القمة من القادة العرب كل من الرئيس العراقي جلال طالباني وأمير دولة الكويت الشيخ صباح السالم الصباح والرئيس اللبناني ميشيل سليمان ورئيس المجلس الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبدالجليل والرئيس التونسي المنصف المرزوقى والرئيس السوداني عمر حسن البشير والرئيس الفلسطيني محمود عباس " أبو مازن " والرئيس الصومالي شريف شيخ احمد ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله ورئيس جزر القمر أكليل ظنين. كما شارك في القمة كل من الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وأكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي وجون بينغ رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وكاترين أشتون المفوض السامي للشئون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي. وتراوح تمثيل بقية الأقطار العربية التي شاركت بأكملها في القمة باستثناء سوريا ، ما بين مستوى وزراء الخارجية أو السفراء المندوبين لدى جامعة الدول العربية . طالباني: نطالب باحترام إرادة الشعب السوري في اختيار نظام الحكم الذي يريده وبدأت القمة بجلسة افتتاحية بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم تحدث رئيس القمة في دورتها السابقة مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي ، وتم تسليم الرئاسة إلى الرئيس العراقي جلال الطلبانى . وبحث الزعماء والقادة العرب خلال أعمال القمة مشروعات القرارات التسعة التي رفعها وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعاتهم أمس الأول لمناقشتها وإقرارها من جانب الرؤساء العرب . وجاء القرار المتعلق بتطورات الأوضاع في سوريا في مقدمة هذه القرارات ، ومن بعدها الإرهاب الدولي وسبل مكافحته وتطورات القضية الفلسطينية وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل وتطورات الأوضاع في العراق والصومال واليمن ولبنان . عباس يتوقع أن تقدم القمة الدعم المعنوي والسياسي والمادي لفلسطين واكد الزعماء العرب في افتتاح قمتهم على ضرورة الحل السلمي للازمة في سوريا التي تشهد انتفاضة دامية ضد حكم الرئيس بشار الاسد منذ عام. وفي كلمته في افتتاح الدورة الثالثة والعشرين للقمة اكد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي تولى السلطة في ليبيا بعد تدخل حلف شمال الاطلسي الذي أدى للاطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي العام الماضي على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول". لكن عبد الجليل الذي رأست بلاده الدورة السابقة للقمة اعرب عن القلق حيال "مشاهد الابادة والتعذيب التي يرتكبها النظام السوري" وهو ما يلزم اتخاذ خطوات سريعة لمتابعة الجهود المبذولة لحل الازمة. الشيخ صباح يرحب بعودة العراق إلى دوره المعهود في العمل العربي المشترك. «أ.ف.ب» وسلم عبد الجليل الذي اعلن رسميا استعادة علاقات بلاده مع العراق بعد انقطاع تجاوز ثماني سنوات الرئاسة الدورية للقمة الى الرئيس العراقي جلال الطالباني ليصبح اول كردي يتولى رئاسة القمة العربية. وأكد الرئيس العراقي جلال طالباني ضرورة الإسراع فى تطوير منظومة العمل العربي المشترك بما يتناسب وتحديات المرحلة ورغبات الشباب العربي الطامح في تنفيذ الإصلاح السياسي والاجتماعي. ووجه طالباني في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة العربية التحية للشعب العربي الفلسطيني الصامد على أرضه وقال إننا ندعم صموده من أجل استعادة حقوقه الكاملة ,ومهما انشغلنا بالأحداث فلن ننسى قضية العرب المركزية, وندين بشدة اعتداءات إسرائيل على الشعب الفلسطيني واستمرارها بالأنشطة الاستيطانية . ورحب باتفاق المصالحة بين الفلسطينيين, وصولا لإجراء الانتخابات الجديدة, مؤكدا دعمه للجهود العربية المبذولة لإنهاء الانقسام الفلسطيني / الفلسطيني. الرئيس العراقي مترئساً القمة. «الأوروبية» وأكد طالباني ضرورة تقديم الدعم الكامل للفلسطينيين في مدينة القدس ورفض ما تمارسه إسرائيل بحق المقدسات, وخاصة المسجد الأقصى, مرحبا في نفس الوقت بنتائج مؤتمر القدس الذي انعقد في الدوحة. وشدد على أن السلام العادل لن يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال لجميع الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة, بما في ذلك الجولان استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية . وقال طالباني "إن غياب سوريا عن القمة لا يقلل من اهتمامنا بما يجري, فنحن ندين سفك الدماء ونطالب باحترام إرادة الشعب السوري في اختيار نظام الحكم الذي يريده. وطالب الرئيس العراقي جلال طالباني بضرورة إيجاد حل سلمي للازمة السورية في ضوء قرارات الجامعة العربية بما يضمن تلبية التطلعات مع الاستفادة من جهود الوسطاء الدوليين وبخاصة المبعوث الأممي العربي كوفي عنان. وهنأ طالباني اليمن بنجاح الانتخابات, داعيا إلى العمل على مساعدته في الفترة الانتقالية , مؤكدا من جهة أخرى دعم جمهورية الصومال وجهودها في سير العملية السياسية , ودعا إلى ضرورة تقديم الإغاثة للشعب الصومالي وتقديم الدعم الاقتصادي له. وأدان طالباني الإرهاب بكافة أشكاله, وطالب بالتعاون لمكافحته. وبالنسبة للقمة الاقتصادية, شدد طالباني على أهمية الدعم والالتزام بنتائجها والتنموية الأولى بالكويت والثانية في شرم الشيخ, مؤكدا العزم على تنفيذ نتائجها بما يخدم العمل العربي المشترك ويحد من تداعيات الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الدول العربية, والتقليل من آثارها السلبية. وأوضح أن انعقاد القمة العربية هو دليل على استعادة العراق عافيته واستقراره, مؤكدا حرص العراق على الحفاظ على علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة ومع مختلف دول العالم. بعد ذلك، طرح عنان المبعوث المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية خطة من ست نقاط لوقف العنف في سوريا وبدء حوار سياسي. وقال انه تلقى موافقة دمشق على الخطة التي لا تدعو لتنحي الاسد على عكس دعوة سابقة من الجامعة العربية. وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون في كلمة امام القمة ان الرئيس السوري يجب ان يحول قبوله لخطة السلام الى فعل يبعد بلاده عن "مسار خطر" يهدد المنطقة بكاملها. وحث بان الاسد على "وضع هذه التعهدات موضع التنفيذ الفوري". وتقول الاممالمتحدة ان أكثر من 9000 شخص قتلوا في الانتفاضة ضد حكم الاسد والمستمرة منذ عام. وتقول سوريا ان حوالي 3000 من افراد الجيش والشرطة قتلوا وتلقي بالمسؤولية على مجموعات "ارهابية". وقال اكمل الدين احسان اوغلو الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي ان " الاجماع الدولي على المقترحات الستة التي تقدم بها عنان وموافقة الحكومة السورية عليها أمر يبعث على الامل ونتمنى ان تصدق النوايا هذه المرة". وأشار الى ان المنظمة اجرت مفاوضات مع الحكومة السورية للسماح للمنظمة والاممالمتحدة "بارسال بعثة لدراسة الوضع المأساوي". وقال أمير الكويت الذي يزور العراق لأول مرة للمشاركة في القمة ان "اطالة امد الازمة السورية لا يسهم الا في تعقيدها." واضاف "الحكومة السورية مدعوة للانصات للغة الحكمة والعقل والتجاوب مع الجهود المبذولة". ورأى أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في بغداد أمس ان العراق يعود الى دوره المعهود في العمل العربي المشترك. وقال "اعبر عن سعادتي البالغة منذ ان وطأت قدماي ارض العراق الصديق بعد ان استعاد العراق حريته وكرامته وديموقراطيته اثر حقبة مظلمة ليبدأ بعدها بمعاودة دوره المعهود في العمل العربي المشترك". وأضاف "نسعى مع الشعب العراقي لتجاوز الآلام والجراح"، مشيرا الى ان القمة في بغداد "تشكل علامة طيبة في تاريخ عملنا العربي المشترك لانعقادها في جزء عزيز من وطننا العربي". كما دعا امير الكويت "الحكومة السورية الى الاصغاء الى لغة العقل والحكمة ووقف كل اشكال العنف ضد شعبها"، في اشارة الى قمع الحركة الاحتجاجية المستمرة منذ اكثر من عام. وهذه اول زيارة لأمير الكويت الى بغداد منذ اجتياح العراق لبلاده ابان نظام صدام حسين عام 1990. وتوقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تتبنى القمة العربية "المطالب الخاصة بفلسطين وأن تؤكد الدعم المعنوي والسياسي والمادي لفلسطين وبالذات لمدينة القدس". وقال عباس ، في تصريحات لوكالة أنباء (معا) الاخبارية المستقلة، إن الدعم المادي العربي في غاية الأهمية "لأن وضع السلطة المالي صعب هذه الفترة" حيث تواجه عجزا يفوق مبلغ مليار دولار في موازنتها للعام الجاري بسبب تأخر المساعدات الخارجية لها. وذكر عباس أنه يتمنى أن تدعمه قمة بغداد سياسيا في الخطوات التي أعلن أنه سيقبل عليها في المستقبل القريب، دون أن يحددها. من ناحيته، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي، في كلمته أمام القمة إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة الإسلامية و أن المنظمة قد ركزت جُل نشاطها لحشد الدعم الدولي للشعب الفلسطيني، كما جدد الدعوة لكل الدول الأعضاء والمؤسسات الخيرية والإنسانية في العالمين العربي والإسلامي لتقديم الدعم والإعانة العاجلة لسكان قطاع غزة في هذه الظروف الصعبة التي تواجههم. كما نوه إحسان أوغلي إلى الوضع المأساوي الذي يشهده الصومال ليؤكد ضرورة تكثيف الجهود العربية و الإسلامية للتعجيل بإيجاد حل للأزمة ومساعدة الشعب الصومالي على استعادة الأمن والاستقرار. كذلك أعرب الأمين العام عن قلقه إزاء الأوضاع المتوترة على الحدود بين السودان ودولة جنوب السودان داعيا دولة جنوب السودان للالتزام باتفاقية السلام وحل المسائل العالقة بين البلدين عبر التفاوض والطرق السلمية. كما دعا كل الأطراف والحركات المسلحة للانضمام إلى اتفاقية الدوحة للسلام وإنهاء معاناة سكان دارفور. و في الشأن السوري قال إحسان أوغلي أن ما يحدث في سوريا منذ أكثر من سنة من استعمال مفرط للقوة لمجابهة المسيرات السلمية المطالبة بالتغيير والديمقراطية والحكم الرشيد مؤلم جداً، خاصة وأن المجتمع الدولي بقي إلى حد الآن عاجزاً على وضع حد لهذه الأحداث. و أضاف أن منظمة التعاون الإسلامي قد قامت بجهود مكثفة لإيجاد حل سلمي لها عبر اتصالات متتالية مع القيادة السورية تمثلت في إرسال مبعوث خاص إلى سوريا محمل برسالة خطية للقيادة السورية تطالب بوقف إراقة الدماء والقيام بالإصلاحات التي وعدت بها.