في الاحتفال بمئوية سعيد تقي الدين وصدور كتاب له.. راوحت الكلمات بين مؤثرة إلى حد البكاء وساخرة تتعمد «السعتقة» وهو الاسم الذي أطلق على أسلوب الأديب الراحل وبين أكاديمية تتحدث عن نتاجه القصصي والمسرحي وكتاباته السياسية. أجمع المتكلمون على تميز الأديب الراحل في نواح مختلفة بينها الصدق والواقعية والالتزام في المجال الأدبي والاستشراف المدرك للمشكلات والحلول والعطاء الذي يكاد يكون دون حدود في المجال الوطني والسياسي بالإضافة إلى تلك الروح المرحة الساخرة ذات الشخصية الفريدة التي تطبع كل ذلك. عقد الاحتفال في قاعة نادي جمعية متخرجي الجامعة الأمريكية في بيروت التي كان لتقي الدين خلال ترؤسه للجمعية بين نهاية الأربعينيات وأوائل الخمسينيات القسط الأعظم في إقامة مبنى خاص لها وجعله منبراً مهماً لأنشطة وطنية وفكرية عربية مهمة وإطلاق مجلتها (الكلية) التي تصدر بالإنجليزية إلى مستوى وصف بأنه جعل منها محطا لرصد الأوساط الفكرية والدبلوماسية المختلفة. وبمناسبة مئوية تقي الدين صدر كتاب جديد له هو الثاني والعشرون.. الكتاب حمل عنواناً هو (جسر تحت الماء) وقد حققه جان داية وصدر في 175 صفحة متوسطة القطع عن مؤسسة فجر النهضة. موضوعات الكتاب كتبت أصلاً باللغة الإنجليزية عبر كتيبات وكراسات كانت توجه إلى امريكيين دبلوماسيين ورجال أعمال وأكاديميين وقد وزع عدد منها على جنود وضباط مشاة البحرية الأمريكيين الذين كانوا في لبنان خلال أحداث 1958. وقام تيسير كوي بترجمة مواد الكتاب التي جاء معظمها نقداً مؤلماً لسياسات أمريكا وحلفائها في المنطقة مما جر على تقي الدين عداء أوساط مختلفة. تحدث داية في كلمته عن الأديب الساخر بلغة «سعتقية» سعى فيها إلى محاكاة الأديب الذي تولى هو تحقيق وإعادة نشر كتبه وأصدر له بعد رحيله عدداً من الكتب.. وكان تقي الدين قد أنشأ في تلك الحقبة جمعية «كل مواطن خفير» لمكافحة الأنشطة الإسرائيلية الخفية.