حتى سنوات خلت كان الدوري السعودي في تنظيمه وإدارة شؤونه أشبه ما يكون بعمل بيض (الشكشوكة)، فكل شيء فيه متداخل حتى لا يكاد يعرف المتابع له أيام الأسبوع المخصصة للعب المباريات، ومتى تبدأ، وفي أي لحظة تؤجل، ومتى تلعب بعد التأجيل، ومتى سيتوقف، وما هي المبررات المنطقية لإيقافه، وكم مدة التوقف، ومتى سيعاود نشاطه، فكل ذلك قد يحدث بين عشية وضحاها وما على الأندية المغلوبة على أمرها إلا السمع والطاعة. هذا ما كان يحدث قبل إقرار نظام احتراف اللاعب السعودي، واستمر حتى بعد إقراره، إذ في الوقت الذي احترف فيه اللاعب بقي منظمو الدوري ولجانه هواة يتعلمون (الشكشوكة) في مطبخ الدوري الذي كان يقال عنه أقوى دوري عربي، رغم أن لا شيء كان يوحي بأفضليته غير الخدعة الكبرى التي كانت تسمى (المربع الذهبي) الذي كان يسرق غالباً جهد الأفضل طوال دوري بأكمله ليسلمه لمن لم يكن جديراً بتحقيقه. في السنوات الثلاث الماضية استبشرنا خيراً بأن يتحول دوري (الشكشوكة) من دوري يدار بأيدي طباخين هواة إلى دوري يعد بأفضل ما يكون عليه دوري المحترفين؛ ليكون بمثابة طبخة فاخرة تحضر بأفضل المقادير، وعلى يد طباخين محترفين ومهرة، كيف لا وقد تحول من حيث الاسم إلى مسمى (دوري المحترفين) بمصادقة من الاتحاد الآسيوي بعد أن أقنعه طباخو (دوري الشكشوكة) بأنه لم يعد كذلك بعد تطبيق معاييره الخاصة بالدوريات المحترفة. تلك كانت خدعة أخرى؛ ولكن هذه المرة لم تنطلِ على الداخل بل على الخارج، وأولهم الاتحاد الآسيوي الذي منحنا أربعة مقاعد وهو النصاب الأكبر لربما بحسن نية أو لا.. الله أعلم؛ لكنه عاد ليسحب نصف مقعد بعدما كشف شيئاً من الطابق المستور، ولو أنه كشف الطابق كله لكان وضعنا مخجلاً أكثر، إذ كثير من الأمور مازالت تنضح بالفوضوية، وتفيض بالعشوائية. يكفي أن نتحدث عن البوابات الإلكترونية التي كانت ومازالت (أم القضايا)، وقبلها بيئة الملاعب التي عقدت من أجلها مؤتمرات، وصدرت على إثرها بيانات، وحتى اللحظة مازالت كمستحيلة رابعة نسمع بها ولا نراها، فكيف إذا تحدثنا عن جدول الدوري الذي يلعب في كل أيام الأسبوع، ويؤجل ويقدم في مبارياته في انتهاك واضح لقيمته، وفي أسلوب لا يعبر عن أدنى درجات الاحترافية. في مسألة التقديم والتأجيل التي كانت محط تندر في السنوات الثلاث الأخيرة من عمر (دوري المحترفين) لا أحتاج لسوق الأدلة. يكفي فقط ما حدث في الجولة الأخيرة بتأجيل مباراة الرائد والاتفاق بطريقة تعري واقع الدوري وتفضح طريقة إدارته، وهي المباراة التي أقامت الوسط الرياضي ولم تقعده حتى اليوم حيث بلغت الشكوك والاتهامات مبلغاً طال حتى منظمي الدوري أنفسهم. هذا التأجيل الذي أثر - بطريقة أو بأخرى - على سلامة المنافسة وحساسيتها سواء على لقب الدوري بين الشباب والأهلي، أو على صراع الهروب من الهبوط حدث دون أن يبادر منظمو الدوري لإيضاح موقفهم الرسمي وسط تبادل اتهامات عنيفة بين مسؤولي الرائد والاتفاق، والسبب لأن حضراتهم وبينما الدوري في معمعته كانوا يقضون إجازتهم في ربوع دبي ناقلين لنا عبر تغريداتهم في (تويتر) مدى استمتاعهم بوجبة ال (شيك شاك).. نعم هكذا قالوا ال (شيك شاك) وليس (الشكشوكة)!