رسم الامين العام للامم المتحدة في تقريره الاخير الى مجلس الامن الدولي، صورة قاتمة جدا للوضع في دارفور (غرب السودان) مؤكدا وجود مأزق سياسي وغياب الامن وتصاعد العنف في هذا الاقليم. وبعد ستة اشهر من زيارته السودان التي تعهدت خلالها حكومة الخرطوم باعادة الامن الى دارفور وحماية السكان المحليين، حذر كوفي عنان من ان «المجموعات المسلحة تتسلح من جديد والنزاع تجاوز حدود الاقليم» الى اقليم كردفان المجاور. واضاف ان «كميات كبيرة من الاسلحة نقلت الى دارفور في انتهاك لقرار مجلس الامن» الدولي رقم 1556 الذي صدر في يوليو الماضي. واضاف ان «تكثف اعمال العنف بما في ذلك الهجمات الجوية يشهد على تدهور الوضع». واوضح ان «حركتين متمردتين جديدتين تشكلتا وهما تشنان هجمات في منطقة نفطية في اقليم كردفان الغربي». وتابع «قد نكون في طريقنا الى مرحلة من العنف المكثف في حال لم تتخذ اجراءات بسرعة». واكد عنان ان «الضغوط التي تمارس على الاطراف لتنفذ تعهداتها ليس لها اي تأثير ملموس على الارض. لذلك علينا ان نعيد النظر في الاجراءات الضرورية لتحسين الامن وحماية النازحين في دارفور». واسفر النزاع في دارفور منذ اندلاعه في (فبراير) 2003 عن مقتل سبعين الف شخص على الاقل وتشريد 1,6 مليون آخرين. وقبل الكارثة التي نجمت عن الامواج العاتية التي ضربت جنوب وجنوب شرق آسيا، كان الوضع في دارفور يعتبر اسوأ كارثة انسانية يشهدها العالم حاليا. وكان كوفي عنان دعا مجلس الامن في 22 (ديسمبر) الماضي الى اعادة النظر في موقفه حيال دارفور ورفض طلبا للولايات المتحدة بالتوجه مجددا الى المنطقة. ودعت واشنطن التي تواجه معارضة داخل مجلس الامن حول مسألة فرض عقوبات على السودان، عنان الى التوجه من جديد الى المنطقة بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الاميركي كولن باول (يوليو) الماضي. وعبر المندوب الاميركي في الاممالمتحدة جون دانفورث في بداية الشهر الجاري، عن اسفه لان الاسرة الدولية «لا تحقق شيئا» في هذه الازمة. وقد اكدت عدة دول اعضاء في مجلس الامن الدولي بينها الصين وروسيا اللتان تشغلان مقعدا دائما في المجلس، عن معارضتها لمبدأ فرض عقوبات معتبرة انها «لن تكون مثمرة». وبعد ان تبنى قرارين يهددان الخرطوم - ضمنا لارضاء موسكو وبكين - بفرض عقوبات نفطية خصوصا، اذا لم تتمكن من اعادة الامن الى دارفور، غير مجلس الامن الدولي فجأة موقفه في (نوفمبر) الماضي. ففي اجتماع استثنائي عقد في نيروبي، اختار المجلس معالجة ايجابية للمسألة ملمحا الى مساعدة كبيرة للتنمية - لم يحدد قيمتها - اذا توصلت الخرطوم الى تسوية ازماتها. واكد المجلس اولوية توقيع اتفاق سلام شامل بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق، كبرى حركات التمرد في الجنوب السوداني، معولا على الانعكاسات الايجابية المحتملة لاتفاق من هذا النوع على الوضع في دارفور. ويفترض ان يوقع هذا الاتفاق اليوم الاحد في نيفاشا بحضور وزير الخارجية الاميركي كولن باول. وفي تقريره، عبر عنان عن اسفه لان «الهجمات التي وقعت (يناير) الماضي (في دارفور) توحي بان اطراف النزاع لم تستغل الوضع الناشئ عن اتفاق نيفاشا». ويفترض ان يقدم يان برونك الممثل الخاص لعنان للسودان، تقريره الى المجلس بعد غد الثلاثاء.