جعل الله المملكة العربيةالسعودية في الحزام الجاف إن صدق هذا التعبير. وحسب ما قيل بأن كمية الأمطار الهاطلة سنوياً على المملكة في حدود (73) مليار متر مكعب وهذا رقم كبير ولله الحمد وبالتالي فإن الاستهلاك السنوي للبلاد في جميع النواحي في حدود (11) مليار متر مكعب ونخزن جزءاً من (73) مليار متر مكعب جزئياً في الأحواض الجوفية (الطبقات الحاملة للمياه) والباقي يذهب إلى البحار ويعاد إلى الجو بالتبخر بدون الاستفادة منه والصحراء كما هي صحراء لم يطرأ عليها تغيير بكل السدود السطحية. أذكر أنه من قبل (40) عاماً كان هناك العديد من الخبراء الذين استقدموا لغرض دراسة أحوال المياه في المملكة. ومنهم على سبيل المثال مستر (ديفيز) أمريكي الجنسية الذي كان يعمل في وزارة الزراعة آنذاك ثم شركة «ايكالكونسلت وجرمن كونسلت وسفوريا إلخ» هذه الشركات التي قضت العديد من السنوات في المملكة العربية السعودية لبحث مشكلة المياه وكان خلال تلك الفترة لا يوجد في المملكة إلا عدد محدود من الأخوة السعوديين الجولوجيين والهيدرولجين وكانت سياسة حكومة المملكة الرشيدة تتمثل في إرسال العديد من الشباب إلى الخارج لدراسة هذا المجال وقد عاد إلى المملكة الكثير منهم ممن يحملون الشهادات العليا وأصبح لدينا في المملكة عدة جامعات تخرج العديد من الشباب المؤهل في هذا المجال، وكذلك أصبح لدينا مركزان مهمان جداً لأبحاث المياه الأول مركز الأمير سلطان لأبحاث المياه والصحراء بجامعة الملك سعود والثاني مركز أبحاث المياه لجامعة الملك عبدالعزيز. والأخير سبق له إعداد أكثر من تسعين بحثاً ميدانياً علمياً بخصوص المياه واستهلاكها وتوفيرها والعناية بها في مختلف المجالات وكانت هذه الأبحاث مدعومة من عدة جهات مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومصلحة المياه والصرف الصحي وجامعة الملك عبدالعزيز وبعض الأفراد وهذا المركز يتواجد فيه أكثر من سبعين خبيراً سعودياً من حملة درجة الأستاذ إلى الأستاذ المساعد إلى المهندس... ولكن للأسف الشديد فإن الذي نراه هو أن الدراسات المطلوبة لحل مشكلة المياه سواء كانت مياه التحلية أو مياه الصرف الصحي أو توفير المياه أو تخزين المياه أو السدود أو السدود الجوفية أو شبكات الصرف أو شبكات التغذية إلخ.. كلها تقوم بها شركات أجنبية من خارج المملكة تكلف الكثير من الأموال. وليس لديها جديد علماً بأن هذه الخبرات في مركز أبحاث المياه حصلت على الخبرة من الشرق والغرب. أي أن الخبرة متوفرة وعلى مستوى راق جداً لأن هؤلاء الخبراء قد درسوا في جامعات معترف بها وذات مستوى عال ولكن للأسف الشديد الاستفادة منهم محدودة جداً. وهؤلاء الخبراء السعوديون مهما طلبوا فهم لا يطلبوا ما تطلبه الشركات الأجنبية. بل إن تشغيل هؤلاء الخبراء يسهم في حل المشاكل المائية بشكل أفضل لأنهم أبناء الوطن وهم أعرف بالمشكلة أو أبحاثها من خبير لم يزر المملكة من قبل. وإن العدد الموجود من الخبرات في مراكز أبحاث المياه بجامعة الملك عبدالعزيز مؤهل لفتح جامعة خاصة بالمياه وحل مشاكلها الكبيرة. والمشاكل لدينا وتنوعها وكمية مساحة المملكة العربية السعودية التي تقارب من (2,25) مليون متر مربع تحتاج إلى أبحاث مكثفة فهذه المساحة تقارب ثلثي مساحة أوروبا ويوجد بها من المصادر المائية ماهو مختلف عنها فهناك على سبيل المثال كان يوجد أكثر من (4000) عين جارية دمر أكثرها لعدم المعرفة ذلك الوقت بطرق حمايتها والآن هناك مشروع إعادة عين زبيدة إلى الحياة مرة اخرى بمشروع سيدي ولي العهد وكذلك يجب الاهتمام بعيون الأفلاج التي قيل لي إنها جفت (ولا حول ولا قوة إلا بالله) والأمطار الموسمية (73) مليار متر مكعب سنوياً ومياه الصرف الصحي في حدود (2 -3) مليار متر مكعب. إضافة إلى مشاكل الأمطار والسيول السنوية في منطقة جازان التي يمكن اعتبارها مصدر المياه للمملكة لأن الساقطة سنوياً أكثر من عشرين مليار متر مكعب تذهب إلى البحر بعد تخريب القرى والمزارع والتدمير الذي تحدثه السيول. ولذا فإن الاحتياج إلى الخبرة المتوفرة لدى مركز أبحاث المياه بجامعة الملك عبدالعزيز يجب استغلالها. فطلبي مهم يجب الاهتمام به وتشغيل هذا الكم الضخم من العلماء والخبراء لفائدة البلاد والعباد ومطلب مهم لتوفير المال فهذا وقت الحاجة إليهم وعليهم إعطاء الوطن بعض ما أعطاهم (رد الجميل) خلال الثلاثين عاماً الماضية. وهل بالإمكان تحويل هذا المركز إلى معهد لتخريج العمالة الفنية المطلوبة لتشغيل محطات التحلية التي سوف تنشأ وبذلك تحل مشكلة مهمة. وهي تشغيل الأيدي العاملة السعودية المدربة في مجال جديد بدلاً من الاستقدام.. فهل من مدكر؟!