تحدثنا في العدد الماضي عن بعض من اعراض ومشاكل اضطرابات النوم. اليوم نواصل حديثنا عن اضطرابات النوم بجوانبه المختلفة واسباب اضطرابات النوم. فموضوع النوم واضطراباته موضوع كبير ويحتاج الى حيز كبير من الصفحات لاعطاء هذا الموضوع حقه حتى يحصل القارئ على جزء كبير عن موضوع النوم واضطراباته والتي تقريباً تهم كل فرد منا. اننا ننام تقريباً ثلث حياتنا، أي اننا نقوم بالنوم اكثر من أي عمل آخر في حياتنا، او أي سلوك، ومع كل هذا فإن النوم يظل امرا غامضا الى حد ما بالنسبة لنا في بعض جوانبه. إن العلاقة القوية بين اضطرابات النوم والاضطرابات النفسية والعصبية والعضوية، يدل دلالة واضحة على اهمية النوم الكافي والعميق والمريح للشخص حتى يعيش حياة طبيعية من الناحية العضوية والنفسية والسلوكية. فالارق اكثر اضطرابات النوم انتشاراً ويشكو منه نسبة عالية من الناس، حتى تكاد انك تظن انه لا أحد لم يعان من الارق..!! إن تعريف الارق هو صعوبة الدخول في النوم والبقاء مستيقظاً، او النوم لفترة قصيرة ثم الاستيقاظ وعدم القدرة على العودة الى النوم مرة اخرى. وهذا الاضطراب في النوم وعدم القدرة على النوم يؤثر بصورة كبيرة على نشاط الفرد في اليوم التالي، بحيث يصبح الشخص خاملا طوال اليوم. إن نسبة الاشخاص البالغين الذين يشكون من الارق تبلغ حوالي 30٪، وهناك اشخاص يعانون من ارق بصورة شديدة جداً تبلغ نسبتهم حوالي ما بين 10 - 15٪. مما يؤسف له ان الارق واضطرابات النوم لا يتم تشخيصها وعلاجها في اكثر الاوقات، خاصة في دول العالم الثالث، حيث ليس هناك متخصصون في اضطرابات النوم، ويؤخذ الارق على انه امر عادي جداً، لا يلقى أي اهتمام من العاملين في القطاع الصحي، حيث يعتبر في بعض الاماكن ان مناقشة مثل هذه الجوانب نوع من انواع الترف الصحي، وان هناك مشاكل صحية اهم يجب الاهتمام بها قبل الاهتمام باضطراب يعتبر في نظر بعض العاملين في الحقل الصحي امرا تافها..!! ان عدم الاهتمام بتشخيص الارق واضطرابات النوم يعود الى تداخل الارق من الامراض العضوية الاضطرابات النفسية. علاقة الاضطرابات النفسية بالنوم: ان ارتفاع نسبة الاشخاص الذين يعانون من الارق بين الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية ليس مثار استغراب، حيث ان الارق واضطراب النوم هي عرض من اعراض اكثر الاضطرابات النفسية ومن الاعراض الهامة التي تساعد على تشخيص الكثير من الاضطرابات النفسية، خاصة اضطرابات المزاج واضطرابات القلق. ان ما يقارب ما بين 60 - 90٪ من المرضى الذين يعانون من الاكتئاب يشكون من اضطراب في النوم. كذلك فإن هناك اعدادا متزايدة من الاشخاص الذين يعانون من القلق لديهم مشاكل واضطرابات في النوم، وان نسبتهم ما بين 50 - 90٪، بل ان هناك دراسة بينت ان ما بين 60 - 80٪ من الاشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق العام يعانون من مشاكل واضطرابات في النوم. وكذلك الاشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الحوادث المؤلمة (Post Traumaic disorder) يعانون من اضطرابات في النوم والارق بنسبة تتراوح ما بين 60 - 80٪، حيث ان اضطراب النوم يعتبر واحدا من عناصر تشخيص هذا الاضطراب، كذلك قريب من هذه النسبة بين الاشخاص الذين يعانون من اضطرابات الهلع (الذعار). إن المرضى النفسيين لا يعانون فقط من اضطرابات النوم في ذروة المرض وعندما يكون في المرحلة الحرجة والحادة بل ايضاً عندما تتحسن اضطراباتهم النفسية ويصبحون في حالة جيدة، لكن يظل اضطراب النوم مستمراً رغم تحسن الحالة النفسية للمريض. وعند عمل تقييم للمرضى النفسيين بجهاز خاص لمعرفة دقة النوم، وجد ان المرضى يعانون من ارق شديد. ان المرضى النفسيين يعانون من اضطرابات النوم بصورة مزعجة، وهذا الارق واضطراب النوم يجب عدم اهماله. ان كثيرا من الاطباء لا يسألون المريض عن نومه بالتفصيل اذا كان يعاني من مرض نفسي، ويركزون على اعراض في نظرهم مهمة بينما الارق وقلة النوم والنوم غير المريح لا يتنبهون له، رغم تأثيره الوخيم على المريض، وقد ذكرنا سابقاً كيف ان الاضطرابات النفسية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالارق واضطرابات النوم المختلفة.