شرفني الزميل الدكتور سلطان الجعيد بعضوية جمعية آمنون وهي إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية في حفظ الأمن ونشر مفهوم (الأمن مسئولية الجميع) وتحقيقه على أرض الواقع، ومحاربة صور الفساد المختلفة. ويشرف على هذه الجمعية مجلس إدارة مكون من نخبة من ذوي الاختصاص في الجهات الحكومية ذات العلاقة والمهتمين من رجال الأعمال والأكاديميين. ولا شك في أن بروز مثل هذه الجمعيات الأمنية يعد تطوراً بارزاً في العمل الأمني ويدل على اقتناع الأجهزة الأمنية مؤخراً بضرورة وأهمية إيجاد آلية واضحة المعالم لمشاركة المواطن في تحمل المسئولية الأمنية، والتنازل عن بعض مسئولياتها للمواطن انطلاقاً من المسئولية الاجتماعية التي تحتمها عليه المسئولية الوطنية. وتقتصر جهود "آمنون" في الوقت الحالي على مدينة مكةالمكرمة ويتضح ذلك من المطبوعات الخاصة بها حيث تنطلق كمشروع حيوي مشترك بين شرطة العاصمة المقدسة وجمعية مراكز الأحياء بمكةالمكرمة ومشروع تعظيم البلد الحرام كانطلاقة لمشروع مكة بلا جريمة. ولعل الجميع يتطلع إلى إنشاء جمعيات أخرى مماثلة أو فروع لهذه الجمعية في جميع محافظات ومدن وقرى المملكة لتسهم مع الأجهزة الأمنية في حفظ الأمن والنظام. ولا شك أن مؤسسات المجتمع المدني المختلفة ستكون رافداً مهماً للأجهزة الأمنية بما يسهم في نجاح برامجها واستراتيجياتها وستكون هذه المساهمات ملموسة النتائج والنجاحات لأن أعضاء هذه الجمعيات سيقومون بأداء أعمالهم انطلاقا من دوافع ذاتية يدفعهم إليها إحساسهم بالمسئولية الوطنية متحررين في الوقت ذاته من البيروقراطية الإدارية وتعقيداتها، وهذا ما يميز عمل هذه المؤسسات عن الجهات الحكومية ويجعل نجاحها محققاً ونتائجها متميزة وفاعلة بإذن الله. إن المستقبل القادم القريب سيكون عصر مؤسسات المجتمع المدني خاصة مع انحسار الدور الرئيس الذي يقوم به القطاع الحكومي والخاص ويمكن ملاحظة ذلك من خلال رصد ومتابعة ماتقوم به هذه المؤسسات المجتمعية كجمعية أطباء بلا حدود ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو وغيرها الكثير في الدول الغربية التي تنشط فيها المئات من مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل لخدمة المجتمع على كافة الصعد والمناشط الحياتية وتخفف العبء الواقع على الأجهزة الحكومية . فيما نلاحظ في مجتمعاتنا العربية ندرة الجمعيات الأهلية ذات الطابع الأمني في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون لها دور رئيس في حفظ الأمن الذي يعد أساس استقرار الشعوب فلا يُتصور تحقيق تنمية وازدهار دون أمن وهذا هو ما يدعو إلى إنشاء هذه الجمعيات ويؤكد أهمية جمعية (آمنون) . ولذلك كله فإننا نتطلع إلى المزيد من جمعية " أمنون " وأعضائها المتطوعين في خدمة مجتمع مكة وسكانها وإسهامهم في التوعية والمقترحات والأفكار للأجهزة الأمنية حتى تتفرغ تلك الأجهزة لتطوير ذاتها وأداء منسوبيها. لاسيما في هذه الظروف الأمنية التي تعصف بالمنطقة والتهديدات بافتعال الأزمات الأمنية وإثارة الرعب والفوضى بين الناس . تحية إجلال وتقدير لجميع القائمين على (آمنون) والشكر أجزله والثناء أوفره لأعضائها وعضواتها العاملين في الميدان لتحقيق هدف سامٍ ونبيل وهو خفض نسبة الجريمة في مكةالمكرمة تحقيقاً لقوله تعالى في حق قريش من أهل مكةالمكرمة (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).