ينظر السعوديون لمعدلات التضخم في بداية 2012 بقلق وعدم ارتياح بعدما تسبب في العديد من الاشكاليات الاقتصادية محليا باعتبار ان المملكة تستورد التضخم والذي يواجه عادة بأدوات علمية مثل التصنيع والبحث والتطوير والارتقاء بجودة السلع والخدمات المحلية . ومن الواضح ان هناك تحديان أساسيان يواجهان الاقتصاد السعودي أولهما البطالة التي أصبحت قضية كبيرة ومحرجة للاقتصاد المحلي ، والثاني هو التضخم خاصة وأننا نعيش في مرحلة إنفاق حكومي ضخم وسط التوقعات بأن تزداد معدلات التضخم خلال العام الحالي . لكن مع هذا القلق الذي يساور السعوديون في بداية 2012 تتوقع جدوى للاستثمار أن ينخفض معدل التضخم إلى 4,4 بالمائة في المتوسط بفضل تراجع الضغوط التضخمية من الخارج. وستنشأ بعض الضغوط التضخمية المحلية نتيجة لارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي على حد سواء. وسوف ينخفض تضخم الإيجارات مع دخول المزيد من العقارات إلى السوق، حيث ان ارتفاع الإيجارات خلال الشهور الماضية كان نتيجة لزيادة مؤقتة في مداخيل المستهلكين، ما يعني أن الانخفاض لن يكون كبيراً. وستتيح الأوضاع العالمية فرصة لتراجع معتدل في معدلات التضخم في المملكة، حيث يتوقع أن يخف تأثير ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية التي ظلت مصدراً هاماً للتضخم طيلة السنوات القليلة الماضية. ويتعين أن تسهم الإجراءات المحلية في تخفيف تضخم أسعار المواد الغذائية حيث يبدو أن الضغوط التي مارستها الجهات الحكومية على الأطراف العاملة في نشاط التجارة المحلية قد حالت دون ارتفاع الأسعار في المملكة تبعاً للارتفاع الحاد في الأسعار العالمية في أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011، ومن المتوقع أنه سيكون هناك المزيد من التدخل لمنع أي زيادات في أسعار المواد الغذائية عام 2012. ومن غير المتوقع أن يشكل سعر الصرف مصدراً لأي ضغوط تضخمية، فالدولار احتفظ بوضعه ملاذا آمنا بسبب سيولة وحجم واتساع أسواقه المالية رغم خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في وقت سابق هذا العام، كما أن معظم المحللين يتوقعون في ظل احتمالات تواصل المشاكل في منطقة اليورو حدوث بعض الارتفاع في قيمة الدولار وبالتالي قيمة الريال . وفي هذا السياق قال ل «الرياض « المستشارالاقتصادي الدكتور علي التواتي إن من أهم الإشكاليات التي يعاني منها الاقتصاد السعودي هو التضخم الذي ارتفعت معدلاته خلال السنوات الاخيرة والذي تسبب بارتفاع الكثير من اسعارالسلع الاستهلاكية بالسوق المحلية. وأبان إلى انه بالإمكان عمل العديد من الخطوات الحكومية لكبح جماح التضخم ومنها توسيع نطاق الدعم ليشمل خدمات أخرى مثل السكن والمواصلات وذلك بالقيام بحصر إيجارات بعض الأسر والعوائل المستحقة وتقديم بعض الإعانات الغذائية الموجهة للأسر ذوي الدخل المتوسط والمحدود وذلك لأجل تخفيض وطأة التضخم على هذه الفئات. وطالب بنفس الصدد بتخصيص الإعانات الحكومية والداعمة للسلع الغذائية وحصرها على ذوي الدخل المتوسط والمحدود عبر إعطائهم قسائم غذائية يستفيد منها هؤلاء الفئات بدلا من تقديم الإعانات الشاملة للسلع والتي لايستفيد منها الأفراد ذوو الدخل المحدود. من جانبة قال الأكاديمي الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة ان ارتفاع أسعار السلع والخدمات ساهم بشكل كبير في ارتفاع معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة. وعزا الارتفاعات الأخيرة في السلع والخدمات للعديد من المؤثرات الخارجية ومن أهمها ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة من الخارج متأثرة بارتفاع أسعار البترول والذي ساهم بارتفاع العديد من السلع المستوردة للمملكة. وأضاف أن هناك أسبابا أخرى داخلية من أهمها ارتفاع أسعار المواد الخام للعديد من السلع التي يتم استهلاكها في السوق المحلي وكذلك ارتفاع أجور العمالة العاملة في هذه الصناعات اضافة إلى ارتفاع أجور النقل والمواصلات والتأمين خلال الفترة الأخيرة. ودعا باعجاجة لمعالجة مشاكل ارتفاعات أسعار السلع الاستهلاكية الى إنشاء جمعيات تعاونية تخدم المجتمع كما هو معمول به في بعض الدول الخليجية , وتشديد الرقابة على الأسواق لخفض ارتفاعات الأسعار غير المبررة وزيادة الرقابة من قبل حماية المستهلك ووزارة التجارة وتفعيل أدوارهما للسيطرة على انفلات أسعار بعض السلع بالسوق المحلي .