تعيش المرأة السعودية في يومنا هذا ثورة نهضوية لا يستهان بها، فسلسلة المناصب التي استحدثت لها وازدياد أعداد المبتعثات إلى مختلف دول العالم وبتخصصات متعددة تخدم سوق العمل واحتياجات الوطن، هذا بالإضافة لتقلدها وظائف حيوية وفوزها بجوائز على المستوى الوطني والدولي. كل ذلك وأكثر أدى إلى تحقيقها إنجازاً ملحوظاً ومميزاً وهو بلاشك نتيجة عمل وجهد وإيمان من ولاة الأمر بأهمية دور المرأة. إلا أن التطورات في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز– حفظه الله – أكثر وبمجالات متعددة والشواهد أكبر من ذكرها في مقال، وبالأخص ما حصل مؤخراً من منحها حق المشاركة السياسية في كل من مجلس الشورى والمجالس البلدية كونها جهات حيوية تمكن أي عضو فيه من الإصلاح والمشاركة بالتنمية، واعتقد كذلك ولا يخالفني عليه الكثير أن المجلسين أصبحا في شكلهما المتكامل بعد إشراك العنصر الرئيسي والحيوي من المجتمع وهو المرأة وبالتالي نتاج المقترحات والقرارات ستكون أكثر توازناً وتلبيهً لاحتياجات المجتمع والوطن. وحديثي اليوم هو عن أهمية وجود أدوات تمكن المرأة من القيام بعملها على الوجه المطلوب والذي يتناسب مع حجم التطور الحاصل لتستطيع المشاركة بكفاءة وفاعلية، وهذه الأدوات تتمحور في المركز القانوني للمرأة السعودية والذي تنقصه أمور كثيرة إن كان من الناحية التنظيمية أو الإجرائية، وهذا المركز القانوني لن يصبح بالشكل الذي يؤهلها ويمنحها الشخصية القانونية الكاملة إلا بوجود التشريع الداخلي وتطبيق ذلك التشريع الذي يقر تلك الجوانب وينظمها. ورغم انضمام المملكة العربية السعودية لاتفاقيات دولية، فإن العمل لايزال قائماً بالأنظمة واللوائح الداخلية، فالأفراد ينصاعون للتشريع الداخلي والذي تم سنُّه بناءً على الشريعة الإسلامية ولكن مع الأسف أثرت عليه بعض العادات الخاطئة في المجتمع، لذلك نحن بحاجة إلى سن قوانين جديدة والبت والتطبيق الفعلي للقوانين المقترحة سابقاً لتتحول من مشروع إلى نظام مُطبّق ومُفعّل وتعديل النافذ منها من قوانين أو لوائح أو قرارات إدارية تحدّ من مركزها القانوني، وهي في نهاية المطاف عملية تقنين لحقوقها المكفولة والمذكرة بكتاب الله وسنة رسوله. فمن المشاكل التي تتعرض لها المرأة على سبيل المثال وهو ما تواجهه شريحة كبيرة جداً من بعض الرجال الذين يستغلون هذه الصلاحيات الممنوحة لهم لتكون لهم أدوات تعسفية وقد يصل الأمر عند بعضهم لمرحلة الابتزاز! فتعليم المرأة وهو حق أساسي لها لايزال مربوطاً بموافقة ولي أمرها وكذلك عملها مع أن بيئة العمل في جميع الجهات ولله الحمد تسير في نطاق يرتضيه الله ورسوله فلا وجود لأعمال ووظائف مشبوهة تخالف ديننا الحنيف، فلا ضرورة إذن لموافقة ولي أمر المرأة لعملها في أي جهة! فحق التعليم وحق التوظف أمران لم أذكرهما من فراغ ،فالكل مدرك لحجم المشاكل الناجمة عنهما، فمع الأسف يسلب الكثير منهن ذلك الحق أو يمنحنه بمقابل ! من جانب آخر وأتحدث كقانونية، أتمنى أن أجد المكانة التي تستحقها زميلات المهنة من تفعيل نظام المحاماة مساواةً بنظرائنا الذكور ليتمكنّ من استخراج تصريح لممارسة مهنة المحاماة، وألا تختزل قدرات المرأة بقضايا المرأة والطفولة فقط فهي جزء حيوي من المجتمع قادر على أن يحدد - ووفق ميوله - الترافع عن أي قضايا. خلاصه الأمر نحن بحاجة إلى قوانين تحدد مركز المرأة القانوني وهي التي تجبر الأفراد والجهات على تنفيذها وذلك من أجل صيانة تلك الحقوق الناشئة عن تلك العلاقات في المجتمع وحمايتها من أي اعتداء وهذا بالنهاية يصب في الصالح العام، فالمركز القانوني لأي فرد مهم جداً لأنه يحقق له الضمانات اللازمة التي تدعم وتعزز من مكانته على كافة الأصعدة سواء الاجتماعية أو المهنية أو الاقتصادية وغيرها. واختم حديثي بقوله تعالى في كتابه الكريم: ( وأنِ أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم). *قانونية سعودية