نجحت الولاياتالمتحدةالأمريكية في تنفيذ جزء من مخططها التي تطلق عليه خطوط أنابيب الفيل الأبيض للاستفادة من الثروات النفطية في بحر قزوين ووضعه بديلاً لنفط الشرق الأوسط بالإضافة إلى حرمان روسيا وإيران من الحصول على جزء كبير من كعكة نفط بحر قزوين المغلق حيث افتتح مسئولون من أذربيجان والولاياتالمتحدة في حفل رسمي الأسبوع الماضي أول جزء من الأنبوب الذي يبلغ طوله 1700 كيلومتر، ويقوم بنقل مليون برميل يوميا من النفط من بحر قزوين عبر باكو - تبليسي - جيهان إلى سواحل البحر المتوسط ثم إلى الأسواق الغربية متجنبا الأراضي الروسية والأرمينية و الإيرانية و العراقية وسورية لأهداف سياسية. وقد أحيط حفل الافتتاح بهالة إعلامية رغم إن الخط سيحتاج لستة أسابيع لتعبئة الجزء الأذربيجاني منه، ليتبعه تعبئة الجزء الجورجي ثم التركي، و لن يعبأ بالكامل قبل حلول منتصف أغسطس المقبل وسيحتاج مجمل الخط لقرابة عشرة ملايين برميل من النفط ليمتلئ بالكامل، فيما أشار مسئولون إلى أن شحنات التسليم من الخط إلى ناقلات البترول في ميناء جيهان التركي ستكون في بداية الخريف المقبل إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها. وفي بداية التخطيط لهذا المشروع في عام 1999م و الذي كلف 3,2 مليارات دولار ويأتي ضمن برنامج كبيرلخطوط أنابيب أخرى تنطلق من بحر قزوين وتتفادى الدول التي لا ترتاح إليها واشنطن واجه عدد من العقبات و المعارضة من الدول المتشآطئة على بحر قزوين التي لم تنهِ خلافاتها حول توزيع ثروات البحر حيث رأت أن التقسيم والتوزيع للثروة البترولية والغازية يجب أن يستند إلى مبدأ التقسيم في العمق البحري وتحت الأرض مما ألقى بالظلال الكثيفة على إمكانية تفعيل وتأمين مسارات خطوط البترول والغازات الطبيعية القادمة من بحر الخزر ناحية أسواق الغرب كما أن الشركات البترولية العالمية كانت غير متحمسة إلى الدخول في استثمارات في هذا الأنبوب التي ترى بأنه غير مجد اقتصاديا وتحفه المخاطر لمروره في مناطق ساخنة مثل إقليم ناغورنو كرباخ وإقليم الانفصاليين في شمال جورجيا بيدا أن المعارضة القوية للمشروع من جانب الشركات النفطية وغالبية دول منطقة بحر قزوين انحسرت وتلاشت نتيجة الدعم الأمريكي القوى للمشروع . وفي نظرة فاحصة على هذا المشروع نرى بأنه لن يكون بديلا لنفط الشرق الأوسط كما تتطلع الولاياتالمتحدةالأمريكية و بعض دول أوروبا و ذلك لكون احتياطياته من النفط و الغاز قليلة في المنظور الاقتصادي مقارنة بطاقة نقل الأنبوب حيث أن الدول المتشآطئة تصل طاقتها الإنتاجية فقط إلى 1,3 مليون برميل يوميا وبالطبع لن تضخ جميعها عبر الأنبوب هذا بالإضافة إلى أن احتياطيات بحر قزوين من النفط لا تتجاوز 34 بليون برميل ومن الغاز حوالي 170 تريليون قدم مكعب حسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. مما يعني عدم الاعتماد عليه بصورة كبيرة كمصدر موثوق به في توفير وتأمين إمدادات الطاقة لاسواق متعطشة جدا لها. و يواجه هذا الخط أيضا مشكلة أمنية تتمثل في مشكلة ناغورنو قراباغ بين أرمينيا وأذربيجان، ومشكلة إقليم أبخازيا المطالب بالاستقلال عن جورجيا، واحتمالات اندلاع قتال بين المقاتلين الأكراد والجيش التركي في مناطق ملاصقة لمسار الخط، كما أن مد خطوط الأنابيب عبر الأراضي التركية الجبلية سيتطلب الحفاظ على تقنية ضخ البترول في الأنابيب بالدفع المستمر، مما يجعل كل كيلومتر من هذا الخط أكثر تكلفة بعدة مرات من الخيارات الأخرى، والتي منها على سبيل المثال الخيار الروسي- اليوناني مما يقلل من ريع الأنبوب و يرفع تعرفة النقل على النفط الذي في النهاية سيفضي الى ارتفاع أسعار البترول في الأسواق المستهدفة. وللمعلومية فأن بحر قزوين مسطح مائي مغلق ( أي لا يرتبط ببحار أو محيطات) يقع شمال غرب آسيا، محصور بين أذربيجان وإيران وكازاخستان وتركمنستان وروسيا. يبلغ امتداده من الشمال للجنوب نحو 1200 كم، وتبلغ مساحته نحو 370,000 كم2 وتصل أعماقه إلى أكثر من 2000 متر. وكان منذ القرن الماضي وحتى 1970 بحرًا سوفيتيًّا - إيرانيًّا إلا أنه في مطلع السبعينيات تم تقسيمه إلى قطاعات تخص كل جمهورية من الجمهوريات السوفيتية المطلة عليه، والتي صارت تشكل دول آسيا الوسطى وأذربيجان بعد تفكك الاتحاد السوفيتي و ظلت احتياطياته من الثروات النفطية محل توقعات و تقديرات وذلك نظرا لقلة العمليات الاستكشافية من قبل الشركات النفطية التي طفقت تشيح النظر عنه لارتفاع المخاطر في استثماراته النفطية .