يأتي هذا الملتقى العلمي "الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة" تتويجاً لملتقيات أربعة نظمتها وزارة العدل هذا العام، تنفيذاً لأهداف المشروع القضائي الطموح "مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير القضاء" في مرحلته العلمية. وهذا التتويج لم يأتِ من فراغ، ذلك أن موضوع الملتقى "العقوبات البديلة" قد أخذ حيزاً واسعاً من الطرح والنقاش في المحافل العلمية والقضائية والاجتماعية والإعلامية على حد سواء. ومن المتوقع أن يدعم هذا الملتقى بتوصياته التي سيخرج بها - بإذن الله - مشروع نظام "العقوبات البديلة"، الذي تعمل عليه الوزارة وصرح به معالي وزير العدل أخيراً. إن هذا المحفل الكبير لن ينسى - بإذن الله - أن تشمل توصياته الاهتمام بالسجناء وأسرهم، حيث تعد العقوبات البديلة جزءاً من الحل، وهي داعم رئيس - ولا شك - للمؤسسات الاجتماعية في المقام الأول، ذلك أن هدف العقوبة هو التهذيب والإصلاح اللذان يحتاجهما المجتمع في مواجهة الجريمة كخطر اجتماعي مرتبط بفلسفة العقوبة. وكما علمتُ فإن من ضمن البدائل التي يتم دراستها حالياً تطبيق نظام إلكتروني تقني يتيح المراقبة المنزلية للمحكوم عليه، وهذه التقنية من شأنها أن يقضي المحكوم عليه مدة سجنه في بيته لا يغادره طوال فترة الحكم، من دون الحاجة إلى بقائه في السجن وما يترتب على ذلك من تشرّد الأبناء والأسر ووقوع مخاطر اجتماعية ونفسية عديدة، وليعمل أحدنا تجربة البقاء في بيته - لظرف ما - يومين أو ثلاثة ليعرف أهمية ولذة الخروج من دائرة البيت، بل إنه سيشعر بعتمة البيت وظلمته عليه حتى لو كان قصراً مشيداً. ويبقى على القائمين في دراسة المشروع تحديد نوعيات السجناء الذين من الممكن تطبيق “نظام المراقبة المنزلية الإلكترونية عليهم، ذلك من المهم أن تشمل القائمة السجينات، لأنهن الأكثر حاجة لبقائهن في المنازل بين أطفالهن وأسرهن للمحافظة عليهم واستمرار تماسك الأسرة على أن يتبع تطبيق هذا النظام في حال نجاحه على نوعيات أخرى من السجناء. أخيراً.. ومع أن وثيقة الرياض بشأن التدابير البديلة للعقوبات المقيدة للحرية جاءت وثيقة استرشادية إلا أن تفعيلها وجعلها منطلقاً للعمل على إقرار نظام العقوبات البديلة أمر تدعو الحاجة إليه في هذا الوقت لأمور عديدة أهمها: إصلاح الفرد الواقعة عليه العقوبة. إصلاح المجتمع بصلاح أفراده. حماية أسرته من التشرد. تجنيب الاختلاط مع أصحاب الجرائم الكبيرة من أهل السوء في السجون. مردود اقتصادي بتوفير مبالغ كبيرة تصرف على السجون كل عام. والله الهادي لسواء السبيل. * مستشار وزير العدل رئيس اللجنة المنظمة للملتقى