دنفر (أ.ب) - من جوزيف فيرنجيا: يقول باحثون بريطانيون في إحدى القرى في أفريقيا الشرقية أنه يبدو ان جرعة مفردة من مضاد حيوي يوقف عدوى تسبب التراخوما، السبب الرئيسي للعمى القابل للاتقاء في العالم. وقال كبير محرري الدراسة أنثوني سولومون أنه بعد معالجة معظم سكان القرية بدواء (azithromycin) «تراجع انتشار العدوى وحدتها بشكل دراماتيكي». وأضاف سولومون ان القرية ظلت خالية من المرض لمدة سنتين مما يعني ان الطريقة ربما تعمل مثل لقاح لكسر دورة العدوى. وقد نشرت الدراسة في مجلة نيوانغلند الطبية. عالمياً، يصيب مرض التراخوما 84 مليون شخصاً في 55 بلداً وقد سبب العمى لسبعة ملايين و600 مليون شخص معظمهم من الأطفال والنساء اللواتي يعتنين بهم. وقد قضي على المرض في البلدان الصناعية إلاّ أنه مستمر في المناطق الحارة والمغبرة في جميع أنحاء أفريقيا وجنوب آسيا والبرازيل والمكسيك والسكان الأصليين في أستراليا. وحسب منظمة الصحة العالمية في جنيف بسويسرا أنه إذا لم يقمع المرض فقد يصاب 76 مليون شخصاً بالعمى خلال السنوات العشرين المقبلة. سبب التراخوما هو العضوية المجهرية كلاميديا تراخوماتيس، وهي تنتشر عن طريق لمس إفرازات العين - بالأصابع والمناديل، بل وحتى عن طريق الذباب. وتحدث الالتهابات المتكررة على مدى سنين ندوباً داخل الجفن العلوي الذي يلتوي إلى الداخل في النهاية. وتحدث الرموش خدوشاً في القرنية مما يقود إلى العمى. وبوسع عملية بسيطة تجريها إحدى الممرضات ان تصحح التشوه الجفني. إلاّ ان العدوى تتكرر إذا لم تتوفر الأدوية والمياه النظيفة. وتتفق آراء الأطباء والعاملين في الميدان الصحي على ان القضاء على التراخوما يحتاج إلى الأدوية وعلى تحسين البنى التحتية على حد سواء. إلاّ ان التركيبة الصحيحة غير واضحة. في التجارب الميدانية اكتشف باحثون من معهد الصحة والطب الاستوائي في لندن ان 195 شخصاً في قرية كاهي مبيا في تنزانيا مصابون بعدوى التراخوما. وعادة يعالج الأطباء الأشخاص المصابين بالعدوى وحدهم. ولكن الباحثين أعطوا جرعة فموية مفردة من عقار ازيثرومايسين ل 916 قروياً من عمر 12 سنة وما فوق، وكان بينهم أشخاص يحملون العدوى إضافة إلى مئات الأشخاص المعرضين لخطر التقاط العدوى. إن عقار ازيثرومايسين هو مضاد حيوي يدوم مفعوله مدة طويلة ومعروض للبيع في الولاياتالمتحدة وبلدان صناعية أخرى منذ أواخر العقد الثامن من القرن الماضي تحت اسم ماركة Zithromax. وعولج 39 مريضاً آخرون تفاقمت إصابتهم بالتراخوما، بشكل محثث أكثر أكثر بدهن يحتوي على مضادة حيوي آخر. وفي غضون شهرين ذكر الباحثون في تقريرهم ان نسب العدوى في القرية تراجعت من 9,5 في المائة إلى 2,1 في المائة. وفي نهاية السنتين تراجعت النسبة إلى 0,1 في المائة. وتعكس النتائج ما توصلت إليه دراسات مستقلة أجريت في النيبال سنة 2003م وأشارت إلى ان جرعة واحدة من دواء ازيثرومايسين تعطي مفعولاً أفضل من المعالجة مدة طويلة بأدوية أخرى. إلاّ ان الدكتور سيلفيو ماريوتي من منظمة الصحة العالمية، الذي كتب تحليلاً مستقلاً في المجلة الطبية، أشار إلي ان نسب العدوى كانت معتدلة في القريتين التنزانية والنيبالية. وتظهر دراسات أجريت في أثيوبيا ان جرعة واحدة من العقار لم تعط مفعولاً كبيراً في الأماكن التي تزيد نسبة العدوى عن 80 في المائة، وإنه قد يلزم إعطاء جرعتين من الدواء سنوياً في مثل هذه الأماكن. كما إن الدراسة التنزانية لم تقارن مضادات الحيوية مع طرق السيطرة الأخرى على المرض، كغسل اليدين والوجه تكراراً وتحسين مستويات الصحة العامة. وقال جوناثان كوماريسان، رئيس «المبادرة العالمية للتراخوما» التي ساهمت في تمويل الدراسة التنزانية، ان مضادات الحيوية وحدها لن تقضي على التراخوما المسببة للمرض.