أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن فهي العدة وهي مهبط الفضائل ومتنزل المحامد وهي مبعث القوة ومعراج السمو والرابط الوثيق على القلوب عند الفتن. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس في لفح هجير الحياة وعند متاهات الدروب، فإن الساري بحاجة إلى ضوء وماء سيقيه ومنار يرشده ويهديه ذلكم هو الوحي الخالد والنور التالد والذي قال فيه ربنا (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) أي للتي هي أحسن وأكمل وأجمل وأفضل فمن أراد الهدى فليزم كتاب الله وليتدبر عظاته. وقال فضيلته: إن الدعوة الكريمة من الله تعالى للمؤمنين تشير إلى حاجة النفوس إلى التذكير أن تلتزم بجميع شرائع الإسلام ومع وجود أصل الإيمان في المجتمع المسلم إلا انه قد يوجد من يحتاج لهذه الدعوة ليتجرد ويستسلم لله وتتوافق خطواتهم واتجاهاتهم مع ما يريده الله منهم وما يقودهم إليه نبيهم من غير تردد ولا تفلت وهذا هو معنى الإسلام الاستسلام لله والانقياد له بالطاعة وحين يستجيب المسلم لهذا النداء فإنه يدخل عالم السعادة والسلم والسلام والثقة والاطمئنان والرضا والاستقرار فلا حيرة ولا قلق ولا نزاع ولا ضلال. وقال أول ما يفض السلام على القلب من صحة توحيده لله وإيمانه به ويقينه عليه وإفراده بالعبادة ومعرفة أسمائه وصفاته، يعلم أن الله إله واحد يتجه إليه بكليته وجهة واحدة يستقر عليها قلبه فلا تتفرق به السبل وتلتبس به الأهواء وتتكاثر عليه الآلهة فيعبد ربا ونبيا أو يدعو كل يوم وليا فكان كل مشهد كعبة وكل ضريح رب يدعى فهل هذا من الإسلام. وتابع بقوله: إن المؤمن بإسلامه لله وحده يعيش عقيدة صافية وفكرا نقيا وحياة مستقرة ويعلم من صفات ما تطمئن به نفسه ويسكن به قلبه فالله هو القوي القادر والعزيز القاهر والولي الناصر فإذا التجأ إليه المؤمن فقد التجأ إلى القوة الحقيقية في هذا العالم وقد آمن من كل خوف واطمأن بالله واستراح، ويعلم أن الله يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويفرج الكربات ويشفي الأسقام ويذهب الأحزان والآلام، فالمؤمن في كنف الله امن وادع يتقلب في الطمأنينة والرضا يفيض الإيمان بالأسماء والصفات على قلبه بردا وسلاما، والإيمان باليوم الآخر يجلب الطمأنينة والسلام وينفي القلق والإحباط أو الإحساس باليأس. وقال فضيلته: الإيمان بالآخرة أيضا حاجز دون الصراع المحموم بين النشر على حطام الدنيا ومتاعها هذا التنافس الذي تنسى فيه القيم وتنتهك الحرمات، في لهاث خلف الشهوات والرغبات، إن الإيمان بالحساب والجزاء يلبس المؤمن رداء التجمل في هذا السباق ويوقفه عند الأدب والحياء والحدود والحقوق، فما أجمل الطمأنينة والسلم في هذا الإسلام. وأضاف دخول المؤمن في السلم كافة دخوله في كل شرائع الإسلام والالتزام به ويربطه بالحقيقة التي من أجلها خلق الناس، والعبادة ليست مجرد فرض يؤدى في المسجد فحسب بل إنها منهج حياة، عبادة بأداء الواجبات واجتناب المنهيات عبادة في كسبك وإنفاقك وفي عملك ونشاطك تتقي الله في كل تصرفاتك وتعاملاتك لا تقصر في واجب.