قال اكبر قاض في فرنسا في مجال مكافحة الإرهاب إن رد فعل سوريا قد يكون عنيفا تجاه الغرب مع تزايد الضغوط لإنهاء حكم الرئيس بشار الأسد. وقال مارك تريفيديك لرويترز في مقابلة مع حلول الذكرى العاشرة لهجمات 11 /ايلول على مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) "حين يقع نظام ديكتاتوري تحت ضغط كبير واذا كان يبحث عن سبل لخفض الضغوط الدولية على نفسه فإنه يمكن ان يلجأ الى استخدام أسلحة الضعيف ضد القوي. نعلم كيف حل نظام مثل هذا مشاكل معينة في لبنان في الثمانينيات." ولم يقدم تريفيديك أدلة على أنه يجري التخطيط لهجوم من هذا النوع لكنه قال إن حكام سوريا لهم تاريخ من اللجوء الى وسائل غير تقليدية لممارسة النفوذ في الخارج. وتدعم سوريا جماعات ناشطة فلسطينية ولبنانية مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين وحزب الله اللبناني. وتقول دمشق إنها جماعات مقاومة تواجه اسرائيل وتنفي دعم الإرهاب. وبعد أن دخلت الحملة العنيفة على المحتجين المدنيين شهرها الخامس تزداد الضغوط الدولية على سوريا كثافة. وتضغط الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي من اجل استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإدانة أعمال العنف التي يمارسها النظام السوري ضد المدنيين وهو إجراء يقول دبلوماسيون إن من شبه المؤكد أن تعارضه الصين وروسيا. وقالت فرنسا يوم الثلاثاء إن الاتحاد الأوروبي يعمل على زيادة الضغط على نظام الأسد. وتقود فرنسا وبريطانيا الضغوط من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يزيد الضغوط على قادة سوريا. وقال تريفيديك إن تشديد العقوبات والضغوط الدبلوماسية والانشقاقات والصراع الأهلي قد يدفعان الحكومة السورية الى تدبير هجوم يحول الانتباه عن مشاكلها الداخلية. وأضاف تريفيديك "بمجرد أن يكون هناك ضغط كبير على دولة فهذا قد يغريها بأن تبعث رسالة واضحة الى من يمارسون الضغط." وكان تفجير في عام 1983 استهدف ثكنات امريكية وفرنسية في بيروت قد أسفر عن مقتل 299 جنديا. ويقول الكثير من الباحثين إن ايران وسوريا لعبتا دورا رئيسيا في التخطيط للهجمات وتنفيذها وهو ما نفته الدولتان. ويرى القاضي الفرنسي أنه بعد مرور عشر سنوات على قتل متشددين من تنظيم القاعدة نحو ثلاثة آلاف شخص في هجمات على الولاياتالمتحدة فإن وجه التشدد العالمي تغير بعمق. وأضاف أن ملامح الإرهاب الدولي لم تعد تحدد بخلايا من عناصر مدربة تدريبا احترافيا بعد ان جعل من شبكة الإنترنت قاعدته الرئيسية. وتابع أن مجندين مجهولين يفتشون عن شبان لتجنيدهم من خلال ذرائع مشحونة بالعواطف مثل صور ضحايا الحرب المسلمين في العراق وغيره. وقال تريفيديك الذي قاد التحقيقات مع مشتبه في صلاتهم بالإرهاب في فرنسا منذ عام 2006 إن طبيعة الهجمات التي يتم التخطيط لها تغيرت أيضا لتميل أكثر الى الهواية والبساطة. وأضاف "بعد 11 سبتمبر 2001 كل ما فعلناه هو الحديث عن هجمات كيميائية او بيولوجية وتصورنا سيناريو الكابوس المطلق ولم يحدث اي من هذا." واستطرد قائلا "بدلا من ذلك وقعنا في اكثر اشكال البساطة بدائية وهي الهجوم الانتحاري... حين تستعين بمهاجمين انتحاريين لا تكون هناك حاجة لإمضاء الكثير من الوقت في تدريبهم. لا تحتاج سوى بضع ضغطات على زر الفأرة لتصبح إرهابيا هاويا." وقال تريفيديك إن السبب الرئيسي في تراجع الإرهاب الدولي هو قلة الدول الراعية التي كانت لها يد في معظم الهجمات قبل 11 سبتمبر. وفيما يتعلق بفرنسا التي كانت في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجوم خلال العام المنصرم قال تريفيديك إن المخاطر تقلصت بشدة منذ مقتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن. ومازالت جماعات مرتبطة بالقاعدة خاصة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وهو جناحها في شمال افريقيا تطمح في ضرب فرنسا لكنها لا تتمتع بجاذبية كبيرة بين "الجهاديين" الشبان. وكان وجود قوات احتلال في العراق وافغانستان عنصر جذب للمجندين في العقد المنصرم واستقطب عشرات "الجهاديين" الفرنسيين الى ان جفت الإمدادات بدءا من عام 2008 . وقال تريفيديك إن على النقيض من ذلك فإنه لا يوجد عدو غربي واضح في منطقة الساحل بافريقيا حيث يمارس تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي نشاطه من مجموعة من القواعد التي يغيرها بسرعة. ويرى القاضي أنه بالنسبة لشن هجوم في فرنسا فإن الجاذبية الأيديولوجية لخطاب هذا التنظيم المناهض لفرنسا شبه غائبة حين تقارن بالحجج التي كان يقدمها "الجهاديون الجزائريون" في منتصف التسعينات والذين استهدفوا نظام مترو الأنفاق بباريس بهجمات مميتة. ومضى يقول "هل هذه (تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) جماعة تتمتع بما يكفي من القوة لتصدير نفسها؟ هذا غير واضح بتاتا."