حينما كنا صغارا في مكةالمكرمة، وينتابنا المرض، نذهب إلى الصحية أو مستشفى أجياد، وبعد أن يفحصنا الدكتور، نذهب إلى خارج المستشفى إذا كان الدواء سائلا ونشتري قارورة غير معقمة طبعا، من إحدى السيدات اللواتي كن يفترشن الأرض أمام حائط المستشفى، ونشتريها، بقريشات ثم نذهب إلى الأجزاخانة أو الصيدلية، فيملأ الصيدلي ما أوصى به الدكتور، أما إذا كان العلاج حبوبا فيضع الصيدلي القليل منها في قرطاس قد يكون ورق جرائد، ولم ندرك أيامها أن هذه العبوات غير صحية، ولكننا ندرك اليوم أننا لم نكن نأخذ من الدواء إلا ما تمليه الحاجة، وعندما ذهبنا إلى مصر كان الدواء يصرف في عبوات جاهزة ومقفلة، ولم تكن مهمة الصيدلي سوى تناول الدواء من الرف وإعطائه للزبون، وكانت كل المعرفة المطلوبة منه هي إجادة قراءة خط الطبيب، أما في الولاياتالمتحدة فقد وجدنا أن الدواء لا يعطى إلا حسب الحاجة ولكن في أوعية معقمة، وفي السعودية هذه الأيام قلدنا مصر، فأصبحنا نأخذ من الدواء ما يفيض عن حاجتنا، لدرجة أن الدكتور أنس عاشور في دراسة له أثبت أن أكثر من 95% من سكان المملكة لا يستهلكون كامل عبوة الدواء، ولهذا ألف جمعية خيرية لاستقبال ما يفيض من حاجة المرضى، وإعطائه لأصحاب الحاجة، وهذا مسعى طيب، ولكن يبدو أن الدكتور يائس من قدرة الصيدليات على صرف ما يحتاجه المريض من الدواء وحسب.