أظن أن مواقف المركبات بالقرب من دور الخدمات الصحية كالمستشفيات والعيادات أصبحت تمثل عاملا من عوامل رفع ضغط المراجع ولابد أن الأطباء يدركون ذلك من تجاربهم. فقد ذكر الأطباء أنهم أثناء دراستهم قيل لهم ألا يعتمدوا على نتيجة لقياس ضغط مريض صغير السن لأن "المعطف الأبيض" يُحتمل أن يسبب خوفا أو قلقا فيُعطي قراءة خاطئة. وللحالة مصطلح يسمونه White Apron ويعني الرداء الأبيض الذي يرتديه الأطباء والطبيبات. أحسب أن عمر هذه العبارة قريب. ولم تكن تستعمل إلا في ميدان الطب وعلم الجسد. فكان الطبيب يأخذ من النبض دليلاً على موقع العلة او مدخلاً يطل منه المرض. وصارت العبارة تستعمل للبيع والشراء. والخطوبة، وحتى في الساحات الدبلوماسية صاروا يسمونها "الاستمزاج". فقبل ان تبعث دولة ما بسفيرها الى الدولة الاخرى، يجري أخذ رأي الدولة المضيفة قبل ان يعلن تعيين السفير. وهذا هو "جس النبض" للتأكد من عدم وجود "خفقان" ضد اسم الشخص المعني. والمضاربون في العقارات... وخراج السيارات أيضا يحسون النبض قبل قولهم الكلمة الاخيرة، سواء كانت تلك الكلمة بيعاً او شراءً أو أي وسيلة من وسائل الكسب. والطبيب المعاصر ترك عملية الجس، بعد ان رأى الغير يستعملها بكل سفاهة وابتذال، واعتمد على جهاز الضغط بدلاً منها. وكان الطبيب يحمل حقيبة فيها سماعة.. ونماذج للوصفات وربما بعض الادوية. ولا يحتاج المريض بأن يذهب الى المستوصف او المستشفى إلا في الحالة الصعبة. اما الآن فعلى المريض ان يذهب إلى المستوصف... او المستشفى، ويبحث عن "موقف" لمركبته...! ثم يقف بانتظار دوره كي "يسجل" رغبته برؤية الطبيب.. ثم ينتظر دوره. لو جسّ الطبيب نبضه بعد كل هذا حتماً سيجده مرتفعاً. وعندما تدفع قيمة المعاينة ثم ثمن الوصفة ستتطور الحالة إلى تصبب عرق!. هذا هو الطب والتطبب عندنا. وأذكر أن الأطباء الإنجليز لا يتقاضون الأتعاب في الحال. وبدلا من ذلك يرسلون فاتورة المعاينة إلى العنوان (يمديه يرتاح!). وقيل إن النظام المشار إليه لم يعد قائما لكون الثقة بالمريض وعنوانه أصبحت ضعيفة.