منذ أن بدأت مفردتها بتثقيف السهم في معاجم اللغة العربية وأدبياتها.. وما تبعها من اصطلاحات جاءت بمعانٍ صناعة الثقافة وسماتها.. نجد نمو مفاهيمها في الآداب الأخرى من عصر إلى عصر، وصولا إلى كونها المركب الشمولي عند «تايلور» وغيره، إلى ما هو أشمل لدى المؤسسات والمنظمات الثقافية المعاصرة. هذا يشير إلى أمر بديهي بأن الثقافة «كائن» ينمو بنمو الشعوب والحضارات، وإذا كان القائلون بأن الثقافة تنتج الحضارة فلا يمكن إقصاء من ذهبوا – أيضا - إلى أن الثقافة نتاج حضاري، لكون الثقافة والحضارة في المفاهيم العالمية المعاصرة مصطلحان يزداد اندماجهما في حياة الأمم بشكل يزداد بشكل متسارع في ظل الثورة التكنولوجية التي اندمج معها انفجار معرفي هائل.. مما جعل من مفهوم الثقافة أكثر شمولية واتساعا، حتى أصبح مفهوم الحضارة اليوم هو الثقافة بمعناها الواسع .. لذا كانت الثقافة ولا تزال شمولية لمختلف المناشط الحياتية الفردي منها والجمعي والمؤسسي.. ليظل مصطلح الثقافة مصطلحا حيويا، إذ هو اليوم من شواغل مصطلحات العصر الحديث لشدة ارتباطه بما سماه الباحثون( الثقافة الجماهيرية ) المرتبطة بقيم المجتمعات والقادرة على إحداث أثر ما يجابا كان أو سلبا. من هنا جاء المهادنون وربما المستوعبون بشكل «علمي عملي» أمام شواغل المصطلحات العصرية وفي مقدمتها الثقافة فقالوا: لا مشاحة في الاصطلاح.. ومع هذا فلا يزال مصطلح الثقافة من شواغل شريحة من أعضاء المؤسسات الثقافية، لنجد على سبيل المثال التباين في الآراء حول ( أدبي/ أدبي ثقافي) أو ( للثقافة/ للثقافة والفنون) أمام رؤية شريحة من القائمين على العمل المؤسسي.. إلا أنني لا أتصور أن المشاحة الحقيقية تكمن في (الفعل الثقافي) الذي لا يمكن الاختلاف على شموليته الاجتماعية، ومدى قدرته على استيعاب دوره الحضاري.