يطالب العلماء الذين أعلنوا في شهر شباط الماضي أنهم اكتشفوا براكين نشطة وبحاراً متجمدة على كوكب المريخ بالقيام برحلة استتباعية لمعرفة ما إذا كانت الحياة موجودة على الكوكب الأحمر. وقد جاءت هذه التوصية في نهاية مؤتمر دام أسبوعاً في هولندا لتحليل النتائج التي توصل إليها مسبار «المريخ» التابع لوكالة الفضاء الأوروبية. وأظهر استمزاج آراء أجري بين 250 من العلماء المشاركين في المؤتمر أن 75 في المائة يؤمنون الآن أن الحياة كانت موجودة ذات وقت بشكل باكتيريا على المريخ، وقدتكون لا تزال موجودة هناك. ولقد كان بعض العلماء يعتقدون أن الماء كان موجوداً في مرحلة من المراحل على الكوكب الأحمر الأكثر شبهاً بالكرة الأرضية بين كواكب النظام الشمسي. وبدأ أن المعطيات التي جمعتها المركبات التي أطلقتها وكالة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) تؤكد ذلك. إن معظم هؤلاء يعتقدون أن الماء تبخر في المرحلة المبكرة من تاريخ الكوكب الذي تحول إلى مكان بارد وجاف. والآن يظهر أن لب المريخ يتفاعل مع سطحه مما يعني أنه كان هناك دفء ورطوبة في الماضي القريب للكوكب. ويقول العالم في الناسا إفريت غيبسون: «هذه السيدة الغامضة أخذت تميط اللثام ببطء عن أسرارها. وقد استنتجنا مما رأينا أن المريخ يحتوي على الضرورات اللازمة لوجود الحياة». ولقد كشف المؤتمر عن وجود كتل جليدية في قطبي الكوكب واحتمال وجود بحر متجمد قرب خطه الاستوائي، إضافة إلى أدلة على تدفق الحمم قبل 20 مليون سنة ووجود عدة قمم بركانية حديثة العهد قرب قطبه الشمالي. وقال البروفسور غيرهارد نيوكم الذي ترأس تحليل الصور الدقيقة التي التقطتها «مارس إكسرس» الذي يدور حول المريخ منذ أكثر من سنة أنه بوسعك رؤية تلك القمم البركانية المخروطية وهي لا تزال تكبر. وأضاف: «لا أستطيع أن أثبت ذلك، إلا أن الدليل واضح جداً». وقد احتلت أخبار اكتشاف البحر المتجمد، وهو بحجم بحر الشمال على الكرة الأرضية ويبدو شبيهاً بالكتل الجليدية في القطب الجنوبي على الصورة، صدارة المنشورات العلمية العالمية. وقال غيبسون، وهو عالم أميركي دعي للمشاركة في تحليل مشروع وكالة الفضاء الأوروبية، أن مفهومنا قد تغير بسبب الاستنتاجات الأخيرة». وقال المدير العلمي لوكالة الفضاء الأوروبية دافيد ساوثوود إن نوعية نتائج مشروع وكالة الفضاء الأوروبية ومركبات الناسا أظهرت أنه حان الوقت لكي ترعى الحكومات القيام برحلة جديدة إلى سطح الكوكب وربما جلب بعض العينات إلى الأرض. وأشار ساوثوود إلى أن الرحلات المريخية ليست رخيصة، وأنه من الضرورة تأمين التمويل، و«لا مال.. لا رحلة». مسبار وكالة الفضاء الأوروبية الذي كلف 264 مليون دولار تألف من سبعة مشاريع مختلفة بينها إجراء تحليل كيميائي لمواد المريخ وقياس كمية ثاني أوكسيد الكربون والميثان والغازات الأخرى. وقد أظهر ذلك الاختبار أيضاً أنه من المحتمل أن يكون منشأ تلك الغازات بيولوجياً أمراً محتملاً، وربما تحت السطح الجليدي للكوكب. وأظهرت الاختبارات اللاحقة وجود رواسب الطين والجص التي تشكلت بالماء الموجود في التربة، وأشارت إلى أن الرياح الشمسية تذر حوالي 100 طن من تلك المواد يومياً من الكوكب إلى الفضاء. واكتشف فريق فرنسي أن طبقة أوزون المريخ هي في أرق حالتها في المناطق التي كان البخار الأكثر كثافة. ويحتمل أن يكون لهذا الاستنتاج مضاعفات بالنسبة للكرة الأرضية حيث يعتقد أن كميات البخار آخذة بالارتفاع في طبقات الجو العليا.