يستقبل الباكستانيون عيد الفطر المبارك وشهر رمضان الكريم بروح إيمانية كباقي إخوانهم المسلمين في كل مكان لنيل الحظ الأكبر من الأجر والثواب بصيامه وقيامه , وفي الوقت نفسه فإنهم يحرصون على الاحتفال بعيد الفطر، ولذلك تزدحم أسواق باكستان في هذا الشهر الفضيل لإقبال الناس على شراء مستلزمات العيد والإفطار. المساجد تزايد الطلب على الأساور الزجاجية «تشوريان».. وتصميم الملابس الغريبة.. ورسم نقوش الحناء على الأصابع والأيدي والأرجل تتحول المساجد في باكستان إلى شعلة من نور تلمع بين المناطق السكنية، إذ يتم تزيينها بالأضواء الكبيرة والصغيرة الملونة. هذه هي باكستان التي لا يسهر سكانها ليالي رمضان في المقاهي والسهرات العامة , بل يستقبلون الشهر الكريم بهجر أماكن التنزه العامة، وتمتلئ المساجد بروادها ليل نهار حيث يتلى القرآن الكريم وتلقى الدروس الدينية وتمتد صفوف المصلين إلى خارج المساجد وتغلق لها الطرق وتعطل لها حركة المرور ويحرصون على أداء صلاة المغرب جماعة في المسجد قبل إكمال وجبة الإفطار. وفي الأيام العشر الأخيرة من رمضان تلجأ أعداد كبيرة من الباكستانيين للاعتكاف في المساجد، ويتلى القرآن الكريم طوال الليل. مشتريات العيد تقطع الباكستانيات شوطاً طويلاً وصعباً في إكمال مستلزمات العيد والذي عادة ما يبدأ مع بداية شهر رمضان المبارك ليستمر إلى ليلة العيد، وذلك حسب العادات المألوفة في مجتمعات هذه البقعة من العالم، وتتميز ثقافة القارة الهندية عن الكثير من الثقافات في العالم، والتي تعرف بنوعية التطريز الذي تتميز به ملابس الباكستانيات إلى جانب النقوش الواضحة على أساورهن الزجاجية والأخرى التي ترسم بالحناء على أيديهن وأرجلهن، وخصوصاً في أيام العيد. تزدحم أسواق باكستان بالنساء والفتيات اللاتي يبادرن لشراء مستلزمات العيد من الملابس والحناء والشنط والأساور الزجاجية المتوفرة في الأسواق الباكستانية بجميع ألوانها وأشكالها، وتدور منافسة قوية بين الفتيات حول شراء أفضل مستلزمات التجمل للخروج بمظهر مميز أيام العيد، للحصول على لقب «عروس العيد» والذي يعد من تقاليد هذه البقعة من العالم، ولتحقيق ذلك عادة ما تقوم كل فتاة باكستانية بإخفاء ما اشترته عن الأخرى تجنباً من حدوث ازدواجية أو تشابه أو تقليد. ويصل البعض منهن إلى مراجعة المتخصصات في الموضة لتصميم ملابس منفردة في شكلها وعادة ما يتم تمييزها بالتطريز اليدوي باستخدام خيوط ملونة تنسجم مع لون بقية المستلزمات مثل الأحذية والحقائب والأساور. إلا أن المنافسة على رسم نقوش الحناء على الأيدي والأرجل والأصابع تتجاوز أحياناً إلى أن تصل هذه النقوش إلى المرفقين وما فوقها، أو من أدنى القدمين إلى أعلى الكعبين وذلك رغبة في التجمل حسب ثقافة وتقاليد تخوض في البحث عن جمال زاه وفن عريق تسعى الباكستانيات إلى تطويره يوماً بعد يوم مستفيدات من الخبرات المتوارثة، إذ يزيد الطلب على الحناء أيام عيد الفطر المبارك. ثم يأتي دور الأساور الزجاجية، حيث تعم الأسواق الباكستانية بكافة مستوياتها الرنات اللطيفة التي تصدرها الأساور الزجاجية لتميز منطقة القارة الهندية، وتخرج النساء لشراء هذه الأساور المتوفرة في الأسواق العامة بكثرة ليلة العيد، والتي تتوفر بمختلف ألوانها وأشكالها المصنوعة من الزجاج الحساس القابل للكسر بمجرد لمسة خاطئة. الأساور الزجاجية التي تعرف باسم «تشوريان» يرجع تاريخها إلى مئات القرون، واستخدمت في جميع الثقافات والحضارات التي مرت بها القارة الهندية ما زالت تحتفظ بمكانتها الخاصة في التقاليد الباكستانية، فهي رمز السعادة والفرح، ويكثر استخدامها في الأعياد والمناسبات على الرغم من أنها لا تعمر كثيراً على الذراع، وتتكسر واحدة تلو الأخرى خلال أيام، أما بالنسبة لرجال فإنهم يكتفون بشراء الملابس والأحذية الجديدة والعطور للخروج بمظهر جميل خلال أيام العيد. أهم الوجبات الرمضانية هناك وجبات لا تعد إلا في شهر رمضان المبارك ومن أشهرها «الكشوري» المصنوعة من الطحين المحشو باللحم والخضراوات والتي تعد في شكل بيضاوي بحجم بيضة النعامة، الشعرية بالحليب وهي شعرية هشة يضاف إليها الحليب والسكر والسمن البلدي، حلوى الجليبي التي تعد من الطحين الخفيف مع إعطائه بذوق من اللون البرتقالي وهي تعم موائد الإفطار الباكستانية، «البكوله» وهي قطع خفيفة وهشة تصنع بعجين الحمص محشوة بالبطاطس والبصل المحمر. إضافة إلى المأكولات الشهيرة مثل السمبوسة، والتشات وهي عبارة عن خليط من البطاطس المسلوق والبصل ومكورات تصنع من طحين الحمص ويضاف إليها الزبادي والبهارات لتعطي طعماً شهياً. ويتم إعداد هذه المأكولات في المنازل إلا أنها تباع بكثرة على العربات في الشوارع والأسواق العامة، إذ تمتلئ الأسواق الباكستانية ما بعد صلاة العصر بعربات محملة بمختلف أنواع الأطعمة التي لا تظهر إلا في شهر رمضان المبارك. وفي الليل فقد اعتاد الرجال في باكستان تناول وجبة السحور في المساجد في الأيام العشر الأخيرة من رمضان، وقبل ذلك يتلون القرآن الكريم طوال الليل ومن وقفة لأخرى أو استراحة لأخرى يتناولون وجبات خفيفة. معرض للأساور والأقراط فتيات باكستانيات يحتفلن بالعيد بوضع نقوش الحناء