العيد يوم بهجة وسرور، ولذا سأتناول موضوع فرار العقيد القذافي في ربيع العرب من زاوية مرحة قدر الاستطاعة. بدأت الحكاية من خطبة العقيد المضحكة "إلى الأمام دار دار وزنقة زنقة" حيث أصبحت تلك العبارة نكتة الموسم لدى الشباب ووسائل الإعلام وحتى المسوقين. ومن أجمل وأسرع من أدرك أن القذاقي جزء من الظاهرة الصوتية العربية شاب سعودي أعلن ذلك على الملأ عن بيع ببغاء من نوع كاسكودربه قبل شهر رمضان على بعض الأعمال والأقوال التي ستسوقه بشكل جيد وبسعر عال. فقد درب هذا الببغاء على الصلاة والغناء وترديد مقولة القذافي "زنقة زنقة" وهي مسوغات تسويقية موسمية متتالية ولكن الأخيرة كانت الأقرب للظاهرة الصوتية العربية. فبعد أن اختفى القذافي بعد ان انبح صوته وهو يردد "إلى الأمام" فإذا به يفر إلى الخلف. طبعا كنت أظن تدريب الببغاوات لا يتجاوز حدائق الحيوانات أو حتى سوق الحمام، فإذا بالتليفزيون الليبي يؤكد الظاهرة الصوتية الببغاوية ويعرض قبل فرار القذافي وفي برنامج "ليبيا اليوم" ببغاء يردد "معمر وليبيا وبس" على أساس انه تأييد جماهيري جديد ابلغ من تأييد العرب الصامت. المشكلة أن ظاهرة إلي الأمام والزنقة زنقة هي ظاهرة صوتية ستستمر من خلال رسائل العقيد لتحرير طرابلس التي فر منها، ولحين ظهور هذا البطل مرة أخرى سنفتقده كأفضل برنامج عربي من الوقع السياسي الممل وكأفضل مثال حي للظاهرة الصوتية العربية. والمحزن حتى أن بعض المشاركات التفاعلية العربية المكتوبة أصبحت لا تخرج عن إطار الثرثرة السياسية وتأكيد الظاهرة الصوتية. وبالعودة إلى الببغاء العربي والنكت التي قيلت على لسانه تجعلنا بحاجة إلى دراسة النكتة السياسة في الإعلام الجديد والتي أصبحت تحرك من خلال هذه المنظومة التقنية الشارع العربي بل والعالمي، وتتوالد فيها النكتة تفاعليا وليس فقط على لسان الببغاوات وإنما هي حديقة حيوان متكاملة تجاوزت تلك الحديقة التي اتهم القذافي بالفرار إليها أو تلك التي وردت على لسان حيوانات الجاحظ. فهناك الآن مسرح تفاعلي سياسي يتشكل على الشبكة من النكت العربية والمترجمة تجعل من هذه المواقع أكثر جذبا من الفضائيات العربية والدولية والتي أصبحت مملة ومكررة وبمهنية ضعيفة في برامجها وتغطياتها السياسة. فلو أخذنا الببغاء فقط وما قيل على لسانه عربيا لأنتجنا واستمتعنا ببرنامج كوميدي غير مسبوق. ولا مانع من الاستعانة بخبرات ذلك الشاب السعودي الذي درب الببغاء أو من قام بتدريب ببغاء التليفزيون الليبي. فالببغاء السياسي ليس ظاهرة صوتية عربية فقط وإنما هو ظاهرة إنسانية أصبحنا نضع الكلام على لسان هذا الطائر في مواقع أمريكية وغيرها وندربه لما يراد أن يقال. وطالما أن الشيء بالشيء يذكر فهذه نكتة ببغاوية سودانية تقول باللهجة السودانية: "فى واحد اسمه عباس الوناس بيحكي قصص سياسية.. ناس الأمن استدعوه واوقفوا نشاطه الفكاهي مع الجمهور وكتب تعهدا بذلك.. عباس جاب ليهو ببغاء ودربو.. الناس بدأت تهتم بأمر الببغاء في الحدائق العامة وفي اماكن التجمعات وفي كل حتة.. مدير الامن سخر كل القوى الامنية وقال ليهم من السما من الواطة (الأرض) الببغاء دا يجيني حي؟ جابوا الببغاء ومارسوا عليه ضغطا حتى اعترف بملكيته لعباس الوناس في القسم، الببغاء دا حقك يا عباس؟ عباس: آآي حقي بس انا مختلف معاهو سياسيا". ومن العراق نكتة تفاعلية مع الببغاء حيث تقول باللهجة العراقية: "رجع أحد الاطفال العراقيين من المدرسة تعبان وجوعان، فبادر الى سؤال امه: ماما شمسويه غده؟ الام: ما عدنا كل شي، حرام. استاء الطفل كثيرا فنظر الى الببغاء في القفص المعلق في وسط الغرفة، وقال: ماما لعد سويلنا ببغاء وية تمّن (رز)؟ الام: ماكوتمّن..! الطفل: زين، ببغاء بالفرن؟ الام: ماكوغاز..! الطفل: زين سويلنا ببغاء مقلي! الام: ماكو زيت..!زين لعد سويلنه ببغاء مشوي بفرن الكهرباء، الام: ماكو كهرباء! عندها نهض الببغاء نافشا ريشه رافعاً منقاره الى أعلى صائحا بأعلى صوته: تعيش حكومة..!" صدقوني نكت الببغاء ستقدم لنا تحليلا متكاملا لبعض أوضاعنا الكلامية العربية وستجعلنا نتعلم منها ونتسلى عليها تليفزيونيا مثل نشرة أخبار ببغاء العربية او الجزيرة ويمكن لل "بي بي سي" او ال "سي ان ان" تقديم نشرات اخبارية ببغاوية من لندن وواشنطن وموسكو. صدقوني كل ما نحتاج اليه مراسلين ببغاوات لمحطة قليلة التكلفة عالية المردود المالي. وهي دعوة لبعض قنوات الهذر العربي لتبنيها لتريح رؤوسنا من صداع العرب الإخباري الصوتي والذي يبدأ بعبارة "وفي سياق متصل" عندها تدخل أخبارنا حابلا بنابل ولم نعد نعرف خيوط صدقها من الكذب.. دامت اعيادكم بالمسرات وبعيدا عن الزنقات.