لم تكن "فايزة العديلي" ذات ال26 ربيعاً تعلم ما الذي تخفيه لها الأيام، حينما شعرت بدوار في رأسها ورعشة في جسمها جعلتها مثقلة الحركة لا تستطيع القيام بأي شيء في تلك اللحظة, حتى استمر وضعها لعدة أيام؛ حينها قرر والداها الذهاب بها للمستشفى ليتحققوا من حالتها الصحية, فكان ذلك الذهاب فيصلاً لها في حياتها, فاعتبرت ذلك اليوم الذي لن يغادر ذاكرتها بداية نقر الغراب على سطوح نوافذها. وقالت: بدأت قصتي مع المرض حينما شعرت بتدهور نظري شيئاً فشيئاً مع التهابات جلدية شديدة، والتي لم يكن أمام والديَّ إلاّ الذهاب بي للطبيب للتأكد من حالتي, وعندما أخبرنا الطبيب بأني مصابة بداء السكري وأن علي أن أتبع نظاماً غذائياً مختلفاً عن بقية الأشخاص، خاصة من هم معي في نفس المنزل شعرت حينها بأني لا أملك شيئاً سوى الاستسلام لواقعي الذي سيرافقني بقية حياتي. وأضافت: أنا الآن أعاني هذا المرض الذي ابتلاني الله فيه، وكبر بداخلي الشعور بالنقص وأنني أختلف عن بقية صديقاتي وممن حولي، وأنه ينقصني الشيء الكثير لأمارس حياتي الطبيعية كبقية الأشخاص. دموع "فايزة" التي غمرتها وهي تتحدث عن معاناتها لم تمنعها من أن تكمل، وقالت: حالتي هذه جعلتني لا استطعم طعم الفرح أبداً, حتى أنني حاولت التخلص من هذه الأفكار لكني للأسف لم أستطع, وما علي الآن إلاّ أن أتبع نظاماً غذائياً معيناً مع تناول الأقراص المهدئة لأتجنب الوقوع في الأخطاء الصحية خاصة مع داء السكري الذي حرمني العيش والاستمتاع بالحياة. يسود صمت "فايزة" ثم تدحرج الكلمات من فمها لتقول بحسرة: لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أنني سأحرم صيام شهر رمضان، وها أنا ذا أقاسي مرارة المرض مع عدم تمكني من مزاولة الصيام كبقية أسرتي لسنوات عدة, حيث نصحني الأطباء بعدم الصيام لما له من تأثير على صحتي, تنتابني مشاعر الحزن والأسى على نفسي حينما أرى الكل أمامي يصوم شهر رمضان دون مشاكل صحية كمشاكلي أنا, إلاّ أنني أحيانا أشعر بعكس ذلك وهو مساعدة من حولي لي بالكلمات المشجعة التي تعينني على الصبر وتحمل ما بي من مرض حال دوني والصيام. وتتذكر "فايزة" حياتها الهادئة مع أسرتها رغم معاناتها مع المرض فتعرف بأن ذلك نعمة كبيرة من الله، لكنها مازالت تستشعر الحرج من مواقف يصعب عليها التعامل معها، فمازالت تذكر أكثر تلك المواقف حرجاً، حينما حدثت في نهار رمضان عندما سألها أخوها الأصغر ذو السبع سنوات عن سبب إفطارها في نهار رمضان, حينها شعرت بالإحباط, ولكنها حاولت التمسك بشجاعتها مبينه إشكالية مرض السكر الذي يعيقها عن الصيام, وتقول: رغم صغر سن أخي إلاّ أنه رفع يديه بالدعاء بأن يشفيني الله من هذا المرض الذي ابتليت به, وتحكي: فعلاً كان هذا الموقف الوحيد الذي أشعرني بأني غير قادرة على مواصلة حياتي كبقية الأشخاص.