تشتهر مدينة جبة (100 كيلو شمال منطقة حائل) بعاداتها الرمضانية وتقاليدها التي تميزها عن غيرها, وهذه العادات المتوارثة من قديم الزمان توارثتها الأجيال من جيل إلى جيل, وهي تتصل بالاستعداد للشهر الفضيل وترقب الهلال، ومن ثم تحديد موعد السحور والإفطار، إضافة إلى إعداد الأكلات الخاصة بشهر الخير التي اشتهرت بها سيدات جبة. فيما مضى كان أهل البادية في نفود جبه يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك بدق النجر وهو علامة لدخول الشهر, ويستخدمون العادة نفسها عند وقت دخول المغرب والسحور, حيث لم يكن الآذان مسموعاً آنذاك. ويقول «أبو راضي» قبل قدوم الشهر الفضيل كانت تنطلق من جبة عدد من السيارات لمنطقة حائل لجلب المؤن والاحتياجات اللازمة لهذا الشهر، وكانو قديما يسمونها بالسفارة, معللاً أنها تسفر ليوم أو يومين لإحضار الأرزاق. وتحكي لنا «أم خالد» أن هناك بعض العادات الجميلة التي مازالت تتناقلها الأجيال الخاصة بهذا الشهر الفضيل، ومنها السهرة الرمضانية، وتبدأ عادة بعد التراويح ويجتمع فيها الأصدقاء والأقارب والأصحاب والأهل رجالا ونساء, ويتبادلون الأحاديث والقصص. ومن العادات الرمضانية التي لم تندثر بعد «الفنيجيلة»؛ خصوصاً ممن فضلوا السكن في بيوت الشعر والخيام داخل نفود جبه حتى في الوقت الراهن، وتقول «هلاله الشمري»: إن هذه اللعبة تقوم على إخفاء خاتم تحت سبعة فناجين مصنوعة من الطين توضع مقلوبة في صينية، وبعد أن يحدد الفريقان المتباريان من يمثلهما يأخذ ممثل الفريق الأول الصينية إلى خلف رفاقه ويضع في أحد الفناجين ويقدمها للفريق الثاني الذي يجب على ممثله معرفة الخاتم تحت أي فنجان, ومثل هذه الألعاب تحدث على شروط للرابح عادة فيكون له على الخاسر ذبيحة أو طاب تقليد أصوات أو طلب فعل حركات مضحكة. وأشارت السيدة «أم سعد» إلى أن هناك أطعمة خاصة في هذا الشهر وما زالت أغلب الأسر تفضلها, ومنها ( الثريد) وهو سيد الطعام كما يقال، ويتكون من اللحم المسلوق بالمرق والسمن العربي، ويفت معه خبز الصاج ويؤكل في وجبة الإفطار, أما ( المبصلة) فتتكون من البصل المقلي بالسمن العربي يضاف إليه الماء حتى يغلي، ثم يوضع الخبز ويفت ويثرد للأكل, مؤكدة على أن تلك المأكولات مازالت معروفة لدى الأهالي وتطبخ حتى الآن. ومن بين هذه الوجبات في الإفطار أو السحور، لا بد من وجود اللبن أو (الشنينة) وتصف الشنينة بأنها لبن يوضع عليه قليل من الماء، أما (الجمري) فتذكر «أم سعد» أن له مكانة خاصة بين الأهالي، ويعتمد على الطحين والماء والملح ومن ثم دسه في الجمر حتى يستوي، وبعد إخراجه وتقطيعه إلى حروف يضاف إليه اللبن أو السمن أو أكله مع الشاي، أما (الخميعة) فهي إما من خبز الجمري أو الصاج، وتخمع من السمن والماء ويضاف إليها البصل أو المرق الذي تخمع به لتقدم كوجبة فطور.