للمال إغراء رهيب يخطف العقول والأبصار إلا من رحم ربي، وقد ورد في كتب التراث أن إبليس حين اخترعت النقود فصل مليون شيطان في لحظة وقال: - وجدتُ ما يغنيني عنكم وهو المال الذي يقطع الرحم واليد ويفسد الضمائر والسرائر.. والدول تضع الأنظمة وتطبقها في صرف الأموال في وجوهها، كما تضع جهات رقابية بعد الصرف، ومع ذلك فالفساد منتشر في جل الدول بما فيها المتقدمة مادياً، غير أنَّ العقاب هناك صارم.. لدينا لا يصرف من أموال الدولة ولا ريال واحد إلا وفق النظام الذي أعدَّ أساساً لتحقيق المصلحة العامة وسد أبواب الفساد، ويوجد بعد الصرف ديوان المراقبة العامة يدقق ويتابع، كما يوجد مباحث إدارية لمكافحة الرشوة، ومع كل تلك الاحتياطات يوجد، ووجد الفساد وللديوان ملاحظات كثيرة، وحساب إبراء الذمة دخل فيه حتى الآن أكثر من مليار ومئتي ألف مليون من ناس سرقوها من المال العام بدون وجه حق فأتاح لهم هذا الصندوق إبراء ذممهم بصمت، وإراحة ضمائرهم، وما كل من سرق يريد أن يبرئ ذمته أو يريح ضميره بل إن بعضهم يبحث عن المزيد، فالغلول والرشوة والفساد عند البعض إدمان.. الشركات المساهمة العامة لديها أموال طائلة يصرف منها كل يوم فمن يراقبها؟ وكيف نحميها من الفساد الذي قد يحدث فيها؟ إن الشركات التي تساهم فيها الدولة يُدقق أوراقها ديوان المراقبة العامة ويراقبها، ولكن ما بال الشركات الأخرى أليست جزءاً من الاقتصاد الوطني؟! الفساد فيه خراب للذمم وأكل لأموال الناس بالباطل وإفقاد للثقة في السوق. إن أسهم الشركات توزعت بين ألوف المساهمين ولم يعد هناك اهتمام بحضور الجمعيات أو استعداد للمناقشة والمساءلة ومكافحة الفساد - إن حصل وهو يحصل وسوف يحصل في بعض الشركات - فلابد إذن من وجود جهاز رقابي مستقل مهمته مكافحة الفساد في الشركات المساهمة، الفساد بكل أشكاله وألوانه فهو كالحرباء..