حين أعلنت إدارة الهلال إعارة ياسر القحطاني إلى نادي العين الإماراتي نصب كثيرون من محبي النادي واللاعب سرادق عزاء بكاء على الرحيل ولا يزال البعض منهم يبكيه على الرغم أن أحداً منهم لا يختلف على أن النجم الهلالي الكبير، ولاعب آسيا الأول حتى قبل أربعة اعوام فقط لم يعد قادراً على استعادة مستواه على الرغم من الفرصة تلو الفرصة التي منحت له على مدار موسمين من أجل فعل ذلك ولما يستطع. وحين تدارس النصراويون قرار التخلي عن مهاجم الفريق سعد الحارثي انقسم أنصار النادي على أنفسهم ولم تعد لهم من قضية طوال شهور مضت وحتى اللحظة غير هذه القضية على الرغم أن أحداً لا يختلف على أن "الذابح" الذي كان نجم النصر الأول في اعوام مضت لم يعد اليوم قادراً على حجز مقعد له في القائمة الأساسية، بل إنه أصبح الخيار الرابع بل الخامس من بين مهاجمي الفريق. وقبل الهلاليين والنصراويين فعل الأهلاويون ما يشابه هذا الأمر حينما رفضوا إعارة مالك معاذ للهلال في الموسم الماضي على الرغم أنه كان يعيش أسوأ حضور فني له، وجاء رفضهم بسبب استصعابهم اتخاذ قرار بهذا المستوى بحق النجم الجماهيري الأول في الفريق، ليبقى اللاعب حبيس مقاعد الاحتياط طوال الموسم الماضي، وإن فك قيده فلدقائق تزيد من إحراجه بدلاً من أن تعالج وضعه حتى أن أحداً من عشاقه لم يعد يسأل عن غيابه. تلك نماذج ثلاثة فقط من بين عشرات النماذج التي تؤكد على غلبة العاطفة على المهنية في حلبة الاحتراف الرياضي في الأندية السعودية، والتي تسهم بشكل قوي في التحكم في القرار الإداري، خصوصاً من جهة إبرام التعاقدات، وهو ما لا يحدث في أوروبا حيث مدرسة الاحتراف الحقيقي، إذ الفيصل في تحديد علاقة اللاعب مع ناديه أولاً هو مستواه الفني الذي على أساسه يبنى كل شيء. لنأخذ مثلاً بريال مدريد حين قرر مسؤولوه فض العلاقة مع قائد "النادي الملكي" وهدافه التاريخي راؤول غونزاليس الذي قال عنه مارادونا: "إنه أذكى لاعب شاهدته في حياتي"، لم يتأخروا لحظة في اتخاذ القرار متجاوزين عواطفهم وبكاء جماهيرهم، وودعوه إلى نادي شالكه الألماني في الوقت الذي كان يقول عنه غوارديولا: "بانتقاله يكون أفضل لاعب في تاريخ الكرة الاسبانية قد ودعنا". في ظني يحسب لإدارة الهلال اتخاذها خطوة إعارة القحطاني في وقت مبكر نسبياً سعياً لمعالجة وضعه فنياً، وللاستفادة من عملية إعارته مادياً، لأنها لو لم تبادر لذلك في هذا الموسم، فلربما اضطرت إلى التخلي عنه في الموسم الذي يليه وبأبخس الأثمان؛ أو أن تبقى حائرة طويلاً في حسم أمره بذات الطريقة التي نجد عليها إدارة النصر والأهلي مع الحارثي ومعاذ، وهو ما لا يليق مع نجوم بتاريخهم، في حين أن الجماهير الهلالية الآن وقد أصبح وجود ياسر في نادي العين أمراً واقعاً تترقب بشغف إطلالته في سماء الإمارات ليؤكد نجوميته هناك وليعود بعدها للهلال كما عهدته النجم الأول بلا منازع.