خلال أوقات الإجازات تتضاعف ساعات مشاهدة التلفاز لجميع أفراد الأسرة دون استثناء، وتزداد أيضاً في أيام وليالي رمضان، ومع هذا التزاحم الفضائي الكبير أصبح المشاهد لا يستطيع الاختيار بسهولة لكثرة المتاح من الغث والسمين وأصبح الإعلام والتلفاز تحديداً شريكاً رئيساً للأسرة، وأحد أهم أفرادها، فهو الموجه والمعلم والمدرب في الكثير من السلوكيات، ولعل الأطفال هم أكثر المتأثرين به، وهذا له انعكاساته السلبية التي أثبتت الدراسات العلمية أثرها صحياً وذهنياً ونفسياً وغير ذلك، وأشارت دراسة أمريكية إلى أن الذين يقضون ساعات طويلة في مشاهدة التلفزيون هم أكثر عرضة للموت أو الاصابة بمرض السكري وأمراض القلب، وأن مشاهدة التلفزون حتى لساعتين فقط يومياً تحدث فرقاً، وقال باحثون تحت إشراف فرانك هو بكلية هارفارد للصحة العامة إن المقيمين في الولاياتالمتحدة يقضون كل يوم في المتوسط خمس ساعات في مشاهدة التلفزيون بينما يسجل الاستراليون والأوروبيون من ثلاث ونصف إلى أربع ساعات يومياً. وقال «الرسالة بسيطة. تقليص مشاهدة التلفزيون وسيلة مهمة للحد من السلوكيات التي تتطلب الجلوس لفترات طويلة وخفض مخاطر الاصابة بأمراض السكري والقلب»، كما أظهرت دراسة أميركية أخرى أن مشاهدة التلفزيون لا ترتبط فقط بالبدانة المرضية لدى الأطفال، وإنما ترتبط أيضاً بمرض ارتفاع ضغط الدم لديهم، وتبين ان احتمال الاصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون لمدة تتراوح بين ساعتين و4 ساعات يومياً، يفوق احتمال الاصابة به من قبل الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون أقل من ساعتين يومياً، بنسبة مرتين ونصف. وترتفع هذه النسبة عند الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون أكثر من 4 ساعات يومياً، وبين الزميل الدكتور أحمد سالم باهمام استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم بجامعة الملك سعود في دراسة سابقة أن أداء الأطفال في المدارس الابتدائية السعودية الذين يشاهدون التلفزيون في الليل ولساعات أطول أسوأ من الذين لا يشاهدونه، وظهرت حديثاً دراسة أجريت على عينة من المراهقين من سن 14 - 16 سنة في الولاياتالمتحدة ونشرت في حوليات طب الأطفال والمراهقين تؤكد هذا التأثير السيئ على المراهقين كذلك، فقد بينت الدراسة أن احتمال الفشل الاكاديمي للمراهقين الذين شاهدوا التلفزيون لمدة ثلاث ساعات أو أكثر يومياً كان ضعف نسبة الفشل عند الذين شاهدوا التلفزيون لأقل من ساعة يومياً، كما أن نسبة حصول المراهقين الذين يشاهدون التلفزيون لمدة ثلاث ساعات أو أكثر يومياً على تعليم بعد الثانوي كان أقل بنسبة الضعف من الذين شاهدوه لمدة ساعة أو أقل يومياً، وبناء على هذه الدراسة أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بألا تزيد مشاهدة التلفزيون عند الأطفال من جميع المراحل السنية عن ساعة أو ساعتين يومياً. وللأسف الشديد تمتد ساعات مشاهدة الأطفال لدينا من خلال نظرة بسيطة للمجتمع القريب لضعف ساعات هذه الدراسة، أضف لها ألعاب البلاي ستيشن والجلوس لساعات أمام شاشة الحاسب وساعات أخرى للآباد وغيرها، إذاً نحن أمام مشكلة مع وجود الجانب الايجابي لها إلا أن نتاجها السلبي وتأثيراتها المستقبلية على النشء كبيرة، إن لم تُصحب بثقافة خاصة للأطفال تبين لهم كيفية التعامل مع تلك الوسائل وتشرح إيجابياتها وسلبياتها فالطفل أصبح يعي ويدرك ويفهم ما يدور حوله، فلنرتق بثقافة التعامل والحوار معه، ونبين له الصح والخطأ ويجب أن لا نترك لهم الحبل على الغارب، حتى تطفو وتظهر تلك السلبيات ثم نبدأ بالعلاج الذي سيكون حتماً أصعب من الوقاية.