مجرد أن يُطرح اسم شركة أرامكو أو يأتي ذكرها في أي مناسبة يتبادر تلقائياً إلى ذهن المستمع عنوان الانضباط في العمل. والمثالية في الإنجاز المتميز وفي الأداء. وفي تقديم الكفاءات الإدارية في الكثير من الاختصاصات. وفي الإنتاج المختلف في شتى المجالات .. من هذا المبدأ ومن هذه الرؤية العملية المثالية تأسست شركة أرامكو في عام 1944م وسارت على هذا النهج واستمرت عليه على مدى عقود طويلة من السنين حتى يومنا هذا، وحافظت هذه الشركة بكل اقتدار على هذه السمعة المثالية في العمل وفي الإنتاج وفي الأداء .. بل والأهم من ذلك كله أنها شركة استطاعت أن تحافظ على هذا التميز بتوارث محكم ومنظم رغم تعاقب الكثير من المسؤولين والعاملين والإداريين في شتى الاختصاصات وفي عموم الدرجات الوظيفية من اصغر درجة على أعلى درجة .. فأصبح هذا التميز سراً من أهم أسرار هذه الشركة على مدى هذه السنوات الطويلة جداً .. وأصبحت هذه الخصوصية المتميزة لهذه الشركة خير مثال وأفضل صورة ظلت على مدى سنوات طويلة تطرح تساؤلات عن خفايا هذا التميز الدائم والمستمر !! لكن يبقى أهم الأسئلة هو لماذا لم تقتدِ بقية القطاعات الحكومية والشركات والمؤسسات العامة بشركة ارامكو في العمل وفي الأداء وفي الانضباط، وفي درجة الانجاز ؟! لماذا لم تنتقل هذه البيئة الإدارية المثالية في شركة أرامكو إلى بقية القطاعات المماثلة لها في بلادنا ؟! المجتمع السعودي أدرك مبكراً ومنذ سنوات طويلة جدا تميز شركة أرامكو في العديد من المجالات، وقد نقل لنا الإعلام والمجتمع على مدى عقود زمنية العديد من الوقائع والبراهين والصور والحكايات والوثائق التي تؤكد تميز هذه الشركة وانضباطها المبكر .. ليس في مجال التنقيب عن البترول وصناعته وتكراره وما إلى ذلك ... بل امتد تميز وتطور وإبداع شركة أرامكو إلى الجوانب الأخرى الهندسية والمعمارية والاجتماعية والإدارية والاجتماعية وفي الفكر الإداري .. كل هذه المجالات توثق لنا بكل فخر حقائق تميز هذه الشركة .. ففي مجال التعليم مثلاً كان لشركة أرامكو منشآت تعليمية مميزة في كل شيء على غرار ما نشاهده في الدول المتقدمة لم تستطع وزارة التربية والتعليم وغيرها من الجهات خلال سنوات وإلى وقت قريب مسايرة هذه الشركة في بناء وإدارة مدارسها ؟! وفي النقل والطرق والصحة والمواصلات وفي مجال بناء المساكن والأحياء وتخطيطها كان لشركة أرامكو تميز مختلف لم تنجح الكثير من الجهات المعنية وخاصة أجهزة البلديات في مسايرته .. لذلك يشهد الجميع بأن شركة أرامكو قدمت لنا مبكراً " حضارة " إدارية مختلفة في كل شيء ظلت ولا زالت راسخة بكل فخر !! وفي ظل تحسرنا الكبير على عدم استفادة كافة الجهات المعنية من خبرات شركة أرامكو في مهامها، وفي إدارة وإنجاز مسؤولياتها ... في ظل ذلك أشرقت لنا بادرة أمل كبيرة وإن كانت متأخرة كثيراً ولسنوات طويلة .. هذه الإشراقة تمثلت في رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وذلك عندما تبنى حفظه الله إسناد مهمة إقامة جامعة الملك عبدالله (KAUST) في محافظة جدة إلى شركة أرامكو من حيث التصميم والإشراف على التنفيذ والإدارة فقدمت لنا أرامكو اليوم وفي خلال سنتين فقط جامعة عالمية عملاقة مختلفة في كل شيء كانت هذه الجامعة حديث ومطلب الجميع على المستوى الداخلي والخارجي .. ومؤخراً نقلت الأخبار صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بإسناد مهمة إقامة ملعب رياضي في محافظة جدة إلى شركة أرامكو من كافة الجوانب .. أيضاً هذا التوجيه الكريم من المؤكد أنه نابع من الثقة الكبيرة في هذه الشركة من كافة الجوانب وأنها ستقدم مشاريع مختلفة عن غيرها بعيدة كلياً عن النظام البيروقراطي المترهل المتبع في تنفيذ مثل هذه المشاريع الذي يعتمد كلياً على أقل الأسعار!! فرأينا العديد من المشاريع المعوقة والمشوهة وقصيرة العمر الزمني، وكلفت صيانتها وتعديلها مبالغ طائلة أضعاف تكلفة إنشائها ؟! نتمنى أن تتوسع مسؤولية ومشاركة ودور شركة أرامكو في تنمية الوطن، وأن تشمل أكبر قدر ممكن من المجالات وخاصة المشاريع الإستراتيجية التي تحتاج إلى رؤية مختلفة في التخطيط والإشراف على التنفيذ .. فشركة أرامكو بالنسبة لنا اليوم هي " كنز " عظيم وهي " ثروة " كبيرة من الخبرة والمعلومات والثقافات والأفكار الادارية والفنية لم نحسن للأسف الاستفادة منها بالقدر المفترض .. لكن نتطلع اليوم لأن يتحقق ذلك بدرجة أوسع وأكبر في القريب إن شاء الله .. وفي أكثر المشاريع الكبرى ولنتدارك تجاهلنا لقدرة وخبرة ومكانة هذه الشركة طيلة السنوات الماضية، وأن تعوضنا في مهام ومسؤوليات قادمة إن شاء الله..