أشار تقرير حديث أنه يجدر بالحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تعمل على خمسة عناصر أساسية لتعزيز قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتشجيع الابتكار، وهي: تحديد مجالات التركيز الرئيسية، ووضع سياسات وأنظمة مؤاتية للابتكار، وتوفير التمويل بشكل أكبر، وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتطوير المواهب المحلية. والواقع أن هذه العناصر مترابطة وتتطلب اعتماد نهج شمولي يجري تطبيقه بمشاركة الجهات الفاعلة في قطاع تكنولوجيا المعلومات الاتصالات من القطاع الخاص. وستكون النتيجة النهائية لذلك بيئة مؤاتية للابتكار والتجديد، ليس في قطاع تكنولوجيا المعلومات الاتصالات فحسب بل في الاقتصاد ككل. وأضاف أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات غير من ملامح المجتمعات والاقتصادات على مدى العقد الماضي في مختلف أنحاء العالم بفضل الدفق مستمر من المنتجات والتكنولوجيات المبتكرة الجديدة. ومن الجلي أن دورة حياة المنتجات في هذا القطاع صارت قصيرة إلى درجة أن شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عليها أن تبتكر لتتمكن من المنافسة، وقد أثمرت الوتيرة السريعة للابتكار عن نمو هائل ليس للشركات العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فحسب بل في قطاعات أخرى أيضاً. تُفيد بوز أند كومباني بأن تكنولوجيا المعلومات الجديدة غيرت الطريقة التي يتفاعل بها الناس، وأضافت ذكاء صناعيًا إلى البنى التحتية الأساسية، مثل النقل والمرافق العامة ، وحفزت على الابتكار على نطاق واسع على مستوى الاقتصادات الوطنية. وكنتيجة لذلك، تدرك الحكومات الآن أن الابتكار في منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يملك تأثيراً مضاعِفاً، ويدفع نمو الانتاجية والأداء الاقتصادي قُدُماً على مستوى البلاد ككل. من هنا، جعلت حكومات الدول المتقدمة والناشئة على حد سواء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أولوية في برامجها. ومن المبادرات الحديثة في هذا السياق، الأجندة الرقمية للاتحاد الأوروبي، وخريطة الطريق الاستراتيجية الماليزية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وخطة ألمانيا لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2020 – بحوث الابتكار، والاستراتيجية الأمريكية للابتكار. وترمي هذه البرامج إلى إنشاء بيئة وطنية قادرة على تعزيز الابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على كل المستويات، عبر أجندة شاملة ومنسقة من السياسات الحكومية في هذا الشأن. التمويل لن يستطيع المبتكرون ولا رواد الأعمال تطوير منتجات جديدة ولا تسويق أفكارهم من دون تمويل. لذا تدعو الأجندة الرقمية للاتحاد الأوروبي إلى مضاعفة الاستثمار الأوروبي في نشاطات البحوث والتطوير الخاصة بتكتولوجيا المعلومات والاتصالات بحلول عام 2020، من 8 مليارات دولار إلى 16 ملياراً كإنفاق حكومي، وفي الوقت نفسه التشجيع على مضاعفة إنفاق القطاع الخاص في هذا المجال ليرتفع من 51 مليار دولار إلى 102 مليار. وعلى حكومات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدورها أن ترفع الإنفاق على البحوث والتطوير بشكل كبير وتوفير التمويل لرواد الأعمال في مجالات التركيز الرئيسية، من خلال إنشاء صناديق تمويل وطنية للمبتكرين ورواد الأعمال. غير أن الأموال الحكومية ليست كافية، بل يجب أن يكملها تمويل أكبر وأكثر فاعلية من جانب القطاع الخاص. وهنا يقول لؤي أبو شنب المدير الأول في بوز أند كومباني: "شبكة شركات الرساميل المغامرة والمستثمرين الصامتين في المنطقة أقل نضجاً منها في مناطق أخرى. ويمكن تطوير هذه الشبكة أكثر عبر توضيح شروط هيكلة استثمارات المشاريع المغامرة واستثمارات الشركاء الصامتين، بما في ذلك قوانين الاستثمار عبر الحدود وقوانين الإفلاس". إلى جانب تحسين مناخ التمويل للشركات الصغيرة ورواد الأعمال، ينبغي على الحكومات في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السعي إلى تعزيز تمويل الابتكار من خلال شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الكبيرة. فهناك شركات مثل أورانج ودويتشه تيليكوم وتيليفونيكا تملك برامج داخلية خاصة بالابتكار، كما أنها تخصص أموالاً للاستثمار في شركات جديدة وبالتالي تعزيز خدماتها. وفي أسواق مثل أوروبا والولايات المتحدة، تقدم الحكومات لشركات كهذه الحوافز والدعم لتنفيذ هذه البرامج. المواهب يُعتبر البناء السليم لتجمع المواهب الخطوة الأهم لأي برنامج وطني للابتكار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي تتطلب أكبر إطار زمني. ولكن على المدى القصير، لا تملك بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – وخصوصا في منطقة مجلس التعاون الخليجي – إلا خيار الاعتماد على المهارات المستوردة. إلا أنها تستطيع الاستفادة إلى الحد الأقصى من هذه العمالة الموقتة من خلال ضمان انتقال المعرفة.