إذا كان أن الحزن لن ينفرد بسمو الأمير سلمان في مناسبة مريرة عند وفاة المرحومة - إن شاء الله - سلطانة بنت تركي الأحمد السديري التي مرت - يرحمها الله - بظروف مرضية قاسية، لأن الكثيرين من جميع مستويات عضوية مجتمعه يعايشون مع سموه قسوة الألم، وسيتدافعون في أضخم حضور عزاء.. فإن الأمير سلمان.. الرجل الإنسان، والرجل النبيل المواقف.. قد عايش هموم مواطنيه في تعدّدات مؤلمة لكل فرد يفقد أحب الناس إليه.. وعودة إلى قراءة أخبار الصحف سنجده ينفرد بوجوده متمنياً الشفاء لرهين مرض.. وتتكرر قراءتنا لشواهد حضوره معزياً ومسانداً نفسياً لكل مَنْ قذفتهم أحزانهم في نوبات القلق.. وكثير مما لا يتداول من مواقف إنسانية، رجولية.. يضع فيها نفسه مواجهاً جاداً لسلبيات أزمات الآخرين، ومواسياً إنسانياً نبيلاً لنتيجة مسار أي قسوة يرتطم فيه مواطن عاجز.. سلمان بن عبدالعزيز.. ويكفي أن يقال هذا التعريف.. إذا كان أن كثيرين - ومحقون هم في ذلك - يمجّدون قدرته القيادية.. هو الذي أخذ الرياض العاصمة.. الرياض قرية الأمس من بيت طينها إلى أبراج شموخها، من مسار شارع المئة متر إلى مسار العشرة آلاف متر وأكثر، من مفاهيم قروية وبدوية متدنية إلى بروز عربي مشهود في كفاءة الحضور الواعي والثقافي الموضوعي فكراً ومفاهيم.. جيلنا سعيد بتميزه التاريخي في مشاهدة تحوّل القرية إلى مدينة.. تحوّل ثقافة البادية التي لا تتجاوز مغريات الشعر النبطي إلى هذا الحضور العربي المتميز تفوقاً.. سلمان بن عبدالعزيز الإنسان.. هو سلمان بن عبدالعزيز القيادي المتواجد في كل إيجابيات الحضور رأياً وكفاءة إلى جانب كل مشروعات التطوير.. قبل سنوات ليست بالقليلة كنت أتردّد على مستشفى الملك فيصل التخصصي زائراً لبعض أقاربي المرضى.. وكان يذهلني أن سمو الأمير سلمان لم يكن يكتفي بزيارة زوجته سلطانة - رحمها الله - حتى ولو تعدّد تكرّر الزيارة، بل كان ينام هناك متى شعر بوجوب عائلي إنساني يطلب ذلك.. هذا جانب أخلاقي قبل أن يكون واجباً عائلياً، ويصعب أن أعدّد الأسماء التي أعرفها شخصياً لأشخاص كان سموه الأكثر حرصاً في أن يضيف إلى عواطفهم بزياراته عاطفة التلاقي في إطار محبة سائدة.. أحر التعازي إلى سموه الكريم وإلى أبنائه وإلى كريمته حصة.. وأسأل الله الرحمة والمغفرة للفقيدة..