نتفق جميعا أن التعليم هو مفتاح التغيير الإيجابي في المجتمع وعامل أساسي في تطور ونهضة الأمم وأن النهوض بالتعليم هو مسؤولية الجميع. كما نتفق بأن المعول الأساسي في التعليم هو مخرجات المرحلة الابتدائية حيث يقع على عاتق هذه المرحلة الأساسية في التعليم مهمة بناء الطالب معرفيا وفكرياً وتربوياً وتأسيسه في القواعد الهامة لمختلف العلوم ومساعدته على التمكن من المهارات الأساسية المطلوبة للمرحلة المتوسطة وخاصة المهارات اللغوية والمهارات العددية والمهارات الحركية والسلوكية. وفي هذه المرحلة أيضا يتم الكشف عن المبدعين و تتبلور شخصية الأطفال فيظهر لنا المتميز في التحليل و التعليل و النقد و المتميز في الإلقاء أو الحوار والنقد أو الإنشاد و غيرها من المهارات. ونتساءل اليوم: هل حققت وزارة التربية و التعليم تلك الأهداف بصورة أفضل بعد تطبيقها التقويم المستمر لجميع صفوف المرحلة الابتدائية وذلك عن طريق إلغاء الاختبارات النهائية في تلك المرحلة لعدة سنوات؟. والتساؤل هنا يتركز على الصفوف العليا في المرحلة الابتدائية، وإن كنا ندرك أن إقرارها للتقويم المستمر ساعد على تهيئة جو مناسب للطالب للتنقل بين مراحل الدراسة الأولى بعيداً عن الخوف والرعب الذي يغلف كلمة (اختبار) حيث إن تهيئة الجو الوجداني للطالب من العوامل المساعدة على سرعة الاستيعاب. ولكن مع أهمية هذا الهدف إلا أن أسلوب التقويم المستمر وآلية تطبيقه بالصورة الحالية في مدارسنا أثبت عدم نجاحه؛ لأنه لا يساعد على تثبيت أي مهارة يتعلمها الطالب، فأصبحت المعلومات هشّة سطحية، بالإضافة إلى أنه يعود الطلاب على التهاون وعدم الالتزام، فضلا عن أنها عملية تقييم غير دقيقة حيث لا تعبر عن المستوى الحقيقي للطالب مما جعل الكثير من الآباء يجهلون مستوى أبنائهم. وإن كنا نحن في التعليم الجامعي، ونحن لم نستقبل هذه الفئة من الطلاب بعد- حيث إن أول دفعة من طلاب التقويم المستمر هم الآن سينتقلون إلى الصف الثالث المتوسط - نواجه ضعف طلاب المرحلة الجامعية في التعبير عن أفكارهم ومشاكلهم وأنفسهم بصياغة جمل صحيحة وكذلك ضعف البعض في قواعد الكتابة والإملاء الصحيح فضلاً عن رداءة الخط، فما هو الحال إذا التحق طلاب التقويم المستمر في الدراسة الجامعية. أرى أن الوقت مناسب الآن لوزارة التربية والتعليم لاستطلاع رأي الأهالي والمعلمين والمجتمع حيال هذه التجربة، وعلى وجه الخصوص معلمي المرحلة المتوسطة الذين استقبلوا هذه الفئة من الطلاب لمدة عامين متتاليين. كما أرى أن على الوزارة إعادة النظر في استمرار التقويم المستمر لجميع صفوف المرحلة الابتدائية في ظل جعل السنة التمهيدية إلزامية للأطفال الراغبين في التسجيل المبكر (خمس سنوات و ست اشهر)، بحيث يقتصر التقويم المستمر على الصفوف الأولية كما هو معمول سابقا، ومن ثم اعتماد الاختبار كوسيلة لتقويم الطلاب في الصفوف العليا من تلك المرحلة، لأن التغيير في عملية التقويم في نفس المرحلة يقلل من رهبة الاختبارات وأسلوب التعاطي معها، بحيث لا يفاجئ الطالب في المرحلة المتوسطة بمرحلة جديدة وطريقة تقويم جديدة بعد استمرار ست سنوات على طريقة واحدة في التقويم. همسة إخلاص للجميع .. لا يطيب الثمر إلا إذا طاب الغرس.. لذا علينا أن نضاعف الجهود على هذه المرحلة التعليمية الهامة في تربية وتعليم النشء، فعليهم تقع مهمة بناء الوطن وازدهاره. * جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن