أقضي إجازتي في هذا الشهر في بعض الولاياتالأمريكية، وشدتني مسألة إسلامية تابعتها ولا زلت أتابعها وتستحق أن يتعرف عليها القارئ العربي، وفحوى هذه المسألة نداء يقول بوجوب إلغاء الفصل العنصري في المساجد الأمريكية. هذه هي الدعوة التي تنتشر في الإعلام الأمريكي هذه الأيام. ويرى بعض المشرعين أن النساء المسلمات في أمريكا يجب عليهن الذهاب إلى المحاكم لحفظ حقوقهن في أماكن العبادة. وفكرة فصل الدين عن الدولة لا تعني قبول الفصل العنصري الذي تتعرض له النساء في أمريكا. هذه هي ملخص الدعوى. ما القصة وكيف للمسلمين في أمريكا الخلوص منها. وتقول الصحف في افتتاحياتها إن المساجد في أمريكا تقوم على عدم المساواة بين الجنسين في مسائل العبادة. وتقوم بالفصل الجنسوي مما يتعارض ويتصادم مع القانون والنظام الأمريكي، لهذا على حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية التدخل لحفظ حقوق النساء المسلمات بدأت القصة منذ شهر عندما وقفت السيدة أسراء النوماني أو النعماني ( أترجم اسمها من الصحف الأمريكية ) وهي صحفية سابقة في جريدة الوول ستريت مع بعض المسلمات أمام مسجد المركز الإسلامي في واشنطن وهن في طريقهن للدخول في مسجد المركز لأداء صلاة الجمعة. وسمعن رجلا يصرخ: اذهبن إلى القبو. فقالت فاطمة ثامبسون وهي مسلمة اعتنقت الإسلام حديثاً: لماذا ننزل إلى القبو. وتعلق اسراء أن الرجل يريدنا أن ننزل إلى الأسفل حيث مصلى الأخوات الواقع بجوار دورات المياه المخصصة للرجال. مما اعتبرته النساء إهانة لهن. تقول أسراء أن ابنها شبلي البالغ من العمر ثماني سنوات لديه الحق أن يدخل من باب الرجال ويصلي في المسجد بينما نحن المسلمات لا نملك هذا الحق، مما اعتبرته النساء المسلمات الأمريكيات فصلا عنصريا لا تقره القوانين الفيدرالية. وتضيف أسراء أن هذا يعني اعتبار النساء المسلمات من الدرجة الثانية، وهي ترى أن هذا يُشكل فصلاً مبنياً على الجنسوية gender apartheid . وهي تقول إنه يجب أن تدخل النساء من مدخل الرجال (الأخوان) وتصلي في القاعة الرئيسة مثل الرجال سواء بسواء. لقد تطور الأمر عندما اقدمت السيدة فاطمة ثامبسون على تبني حملة واسعة حملت عنوان: نصلي أين. وقد انتشرت الحملة في أنحاء واشنطن العاصمة، ووصل صوت المحتجات إلى البرلمان الأمريكي بغرفتيه. لقد تبنت الحملة عدة مسلمات من أمريكا ونيجيريا، وحملت مطويات الحملة أن المسلمين في أمريكا يشترطون أن تعيش النساء المسلمات في أمريكا كما كانت تعيش النساء في جزيرة العرب في القرن السابع الميلادي. وكتبت الصحف الأمريكية التي تسنى لي الاطلاع عليها أن على الحكومة الأمريكية التدخل السريع وفرض الديمقراطية في المساجد الأمريكية، وذلك عن طريق حجب الإعفاء الضريبي عن المساجد حتى تطبق المساواة والديمقراطية وحقوق المرأة أسوة بدور العبادة الأخرى. وتقول الصحف في افتتاحياتها إن المساجد في أمريكا تقوم على عدم المساواة بين الجنسين في مسائل العبادة. وتقوم بالفصل الجنسوي مما يتعارض ويتصادم مع القانون والنظام الأمريكي، لهذا على حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية التدخل لحفظ حقوق النساء المسلمات. وتضيف الصحف في تعليقاتها أن الحكومة الأمريكية تحجب الإعفاء الضريبي عن دور العبادة التي تقوم بنشاط سياسي، والفصل العنصري السائد في المساجد الأمريكية لا يقل ضراوة وضررا وسوءاً عن النشاط السياسي الممنوع في دور العبادة. واشارت الصحف الأمريكية إلى دراسة نشرت عن وضع المساجد الأمريكية في عام 2001 وفيها أن 66% من المساجد الأمريكية تخصص مكاناً للنساء مفصولا عن مكان الرجال، ولهذا السبب وجدت الدراسة أن 75% من مرتادي المساجد من الرجال. وقد أطلقت الصحف الأمريكية على المساجد مسمى: نوادي الرجال. ونشرت الصحف الأمريكية أيضا ملخص دراسة أجريت سنة 2005م وعنوان الدراسة: النساء والمساجد والمراكز الاجتماعية. ودعمت هذه الدراسة جمعية الخدمات الاجتماعية الإسلامية. وخلصت هذه الدراسة إلى أن معظم المساجد في أمريكا لا تقبل في عضويتها إلا نساء قليلات، وهن مبعدات وفي أمكنة تفتقر للتهوية الصحية ويفرض عليهن وليس على الآباء اصطحاب الأطفال. وتقول الدراسة إن بعض المساجد لا تعترف بعضوية النساء ناهيك عن حصول النساء على حق الاقتراع أو الوصول إلى مراكز متقدمة في إدارة المساجد والمراكز الإسلامية. وتصف الدراسة أن هذا النزوع غير منصف ويهين النساء ويحط من درجتهن الآدامية، بل إنه يتعارض مع تعاليم الإسلام وتطبيقات النبي محمد الذي سمح للنساء بالصلاة في المسجد دون فصل عنصري أو تخصيص مكان بعيد عن مكان الرجال. لكن المثير أن صحف الرأي علقت على هذا الموضوع بانه يُشكل تناقضا صارخاً مع روح الثقافة الأمريكية، وتشير تلك الصحف إلى سابقة حدثت عام 1984م عندما قررت المحكمة العليا أن الجمعيات والمنظمات الدينية لا يمكنها الفصل أو التفضيل بناء على الجنس. ووصفت الصحف أن ما تتعرض له المسلمات الأمريكات من عنصرية يشبه إلى حد كبير ما كان يتعرض له السود من عنصرية الرجل الأبيض في خمسينيات القرن الميلادي الماضي. وفي تطور محزن استدعى المسؤولون عن مساجد واشنطن وفرجينا الشرطة لإخراج النساء من مصلى الرجال بدعوى التعدي على ممتلكاتهم الخاصة، وهي دعوى مقبولة للنظر في المحاكم الأمريكية. وتقول أسراء أننا أُخرجنا بالقوة ونحن نسمع صيحات المسلمين في المسجد وكلماتهم البذيئة والمهينة لجنس النساء. للحديث بقية.