عندما وصف «فنان العرب» محمد عبده زميله المغني رابح صقر ب»مدرّس الرياضة» الذي يبث الحماس في طلابه، فقد كان يقصد الطريقة التي يتعامل بها الصقر مع جمهوره العريض في حفلاته الغنائية؛ حيث يطلب منهم الرقص والتمايل وكأنما هو مدرس «رياضة» يوجّه تلاميذه للقيام بحركات رياضية معينة. رابح الذي قرر إحياء ثلاث حفلات في شهر شعبان الجاري، بدأ رحلته هذا الأسبوع من دبي بحفلة مؤسفة اختصرت الكثير مما يمكن أن يقال عن حفلاته الصاخبة التي لا تُقدم فناً ولا طرباً قدر تقديمها لجرعة كبيرة من الرقص ولا شيء غير الرقص!، ومن حضر الحفلة سيلحظ رابح وهو يُشير إلى الجمهور مُردداً باستمرار كلمات مثل (ياذا الليل – يبيب) وذلك من أجل زيادة «شحنة» الرقص في جمهوره. هذا الأسلوب الذي يتبعه الصقر أدى إلى ابتعاد الجمهور الطربي الراقي الذي يسمع الأغنية ويبحث عن جمالياتها، ودفع إلى الواجهة بجمهور آخر لا يفهم معنى الأغنية الجميلة ولا الفنان الذي يحترم نفسه، هذا الجمهور الجديد يتكون غالباً من المراهقين المغلوب على أمرهم!، وما حدث في حفلة دبي من ثورة وهيجان ورقص على الطاولات وصراخ تحت نظر رابح صقر وحضور القائمين على روتانا يتقدمهم سالم الهندي، يضع مستقبل الأغنية السعودية على المحك بسبب نوعية الجمهور التي لا تطلب سوى هذا النوع من الفن الهزيل. رابح صقر أكد في حفلته هذه مقولة فنان العرب وأصبح بالفعل «مدرس رياضة» يقود تلاميذه في حفلة تمارين سويدية، ومكمن الخطورة هنا أن الصقر يعتبر أحد رموز الساحة الغنائية، ونخشى أن يتربى الجمهور الناشئ على حفلاته ويعتقد أن هذا هو الفن الحقيقي. وسط كل هذا نتذكر ذلك الرجل الذي قام (بالتصفير) في حفل عبدالحليم حافظ فأنكر عليه الفنان الكبير هذا الفعل، ونتذكر أيضاً فيروز التي ترفض أن يقوم الجمهور بالأكل والشرب أثناء غنائها، هذا ما يفعله الفنانون الكبار الواثقون من قيمة أغانيهم والذين يتوقعون من الجمهور أن يحترم إبداعهم وأن ينصت بهدوء ووقار، وأين هذا من حفلات الصقر؟. اللافت أن رابح صقر غضب عندما زاد الجمهور من عيار رقصه وانفلاته، ناسياً أنه السبب الرئيس في خلق هذا الجمهور الذي لا يطلب سوى الرقص.. ولا شيء سوى الرقص.