في صباح الأحد استيقظ سكان كل من شمال السودان وجنوبه على حقيقة انفصال البلدين وشعروا بالراحة من السلاسة التي تم بها الانفصال، لكنهما لم يقتربا بعد بأي حال من حل الخلافات المتعلقة بالحدود وتقاسم الثروة النفطية وغيرها من القضايا التي ربما تشعل صراعا. حتى داخل الحدود الجديدة ما زال هناك عدد كبير من التحديات. ولابد أن يسد الشمال فجوة حدثت بسبب حصول الجنوب على أغلب الموارد النفطية. كما يتعين على الجنوب بناء دولة من الصفر تقريبا تعاني من عنف قبلي. وأنهى قيام دولة جنوب السودان يوم السبت والذي يمثل تتويجا لاتفاق السلام لعام 2005 حربا أهلية بين الشمال والجنوب استمرت عشرات السنين ومضت مراسم إعلان قيام الدولة الجديدة بسلام بشكل لافت للنظر. لكن تحت السطح كانت الحشود ترقب انفصالا مضطربا لم يصل فيه الجانبان إلى تسوية قانونية سليمة قبل أن يمضي كل منهما في طريقه. توقعات بأن جوبا ستواجه معاركها الداخلية مع الفساد والقطاع العام الذي يتضخم حجمه بمرور الوقت بشكل يفوق قدرتها والفقر والقبائل المتناحرة وزعماء الميليشيات المنشقين. وأقر كير بالتحديات في أول كلمة يلقيها كرئيس جنوب السودان وقال إن الجنوب يحتل ذيل مقاييس التنمية. وقال لسكان الجنوب "من اليوم فصاعدا لن يكون لنا مبررات أو كبش فداء نلقي عليها باللوم." وحتى الآن فإن ممارسات زعيم كل من شمال السودان وجنوبه تأتي بناء على حيلتين أساسيتين. إذ ان أيا منهما لا يشجع الثقة في المحادثات المقبلة أو استقرار بلد كل منهما وإحداها تقع في العالم العربي والأخرى في افريقيا جنوب الصحراء. ونال الجنوب استحسانا لعدم استدراجه أكثر في الصراع. وحصل الشمال على الإشادة عندما وافق على الانسحاب لإفساح الطريق لقوات اثيوبية لحفظ السلام . وتفسر هاتان الحيلتان الطابع العام للسياسة الداخلية للسودان على الأقل في السنوات القليلة الماضية. إذ هناك قدرا كبيرا من الجلبة مع عدم وجود تغيير سياسي يذكر. وكان اتفاق عام 2005 استثناء نادرا لكن الاطراف الرئيسية بقت كما هي. حيث ان البشير يتولى السلطة منذ عام 1989 وأصبح كير رئيسا للجنوب الذي اصبح يتمتع بحكم ذاتي عندما قتل سلفه جون قرنق في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في 2005. ولسنوات طويلة ظل الطرفان يتبادلان الاتهامات. ومن المرجح ان تستمر هذه الحال في الشهور او السنوات المقبلة وهذه المرة ستكون عبر الحدود. وربما يكون الناس في جمهورية السودان في الشمال وفي جمهورية جنوب السودان الجديدة يأملون أن يتمكن الزعماء من التوصل إلى بعض الاستراتيجيات الجديدة. الى ذلك أعلنت جمهورية جنوب السودان رسميا امس التشكيل الحكومي الجديد بقيادة سلفاكير ميارديت رئيسا ورياك مشار نائبا له وباقان أموم وزيرا للسلام ودينق ألور للخارجية. وتضمن التشكيل تعيين نيال دينق وزيرا للدفاع، مع بقاء غالبية الوزراء في مناصبهم وإجراء تعديلات طفيفة ببعض الوزارات.