أكد اقتصاديون ومتخصصون في المصرفية الإسلامية على أهمية أن توحد جهود الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية والمؤسسات العاملة في القطاع المصرفي الإسلامي لتكون تحت مظلة واحدة. ويرى الاقتصاديون أن الوضع الحالي للهيئات الشرعية لا يتماشى وحجم المصرفية الإسلامية الذي ينمو بشكل كبير ووصل إلى نحو 20% سنويا، مبينين أن توحيد الهيئات الشرعية من شأنه أن يعطي القرار الشرعي للمنتجات البنكية قوة أكثر ومصداقية لدى عملاء البنوك. وقالوا في حديث ل "الرياض" إن حجم المصرفية الإسلامية يتحتم عليه أن يكون هناك هيئة شرعية موحدة، على أن يكون هناك رقابة شرعية داخل البنوك تراقب تطبيق المنتجات البنكية، وبالتالي يأخذ عمل البنوك الإسلامية أو التقليدية ولديها نوافذ إسلامية مصداقية أكثر، خاصة مع الشح في العلماء المتمكنين من الاقتصاد الإسلامي والتطورات التي طرأت على الاقتصاد العالمي. وقال فضل البو عينين الكاتب الاقتصادي إنه سبق أن تطرق للموضوع بحيث يصبح لدينا في المملكة هيئة شرعية موحدة متخصصة في المصرفية الإسلامية تكون مرتبطة بهيئة كبار العلماء أو بمؤسسة النقد السعودي، وبما يسهل العمل ويقلل التكاليف ويعطيها موثوقية أكثر. وأضاف البو عينين أن الهيئة الشرعية الموحدة يجب أن تعمل في إطار حكومي أي تحت مظلة حكومية بحيث تكون مستقلة تماما ولا تتدخل بها البنوك من حيث المكافآت، لأن الهيئات الشرعية تعمل حاليا لدى البنوك وبالتالي فإن عملها مرتبط بالبنك نفسه. وتابع أن مؤسسة النقد السعودي هي التي تشرف على عمل البنوك، وبالتالي فإن وجود الهيئة الشرعية المركزية تابعة لها مناسب جدا، وذلك للتأكد من موافقة المنتجات الإسلامية لمتطلبات الشريعة الإسلامية، إلى جانب تدوين الفتاوى الصادرة بخصوص المعاملات المالية في كتب تكون مرجعا بين البنوك التي ترغب في طرح منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية أو تلك التي تعمل بالكامل بالمصرفية الإسلامية. كما أن من شأن وجود هيئة شرعية موحدة أن يكون الرأي في أي منتج بنكي من خلال حكم شرعي مناسب ل "فقه الواقع" وبرأي جميع أعضاء هذه الهيئة، كون كثير من البنوك ليس لديها في هيئاتها سوى ثلاثة أو أربعة من العلماء الأفاضل. فضل البوعينين ويرى فضل البوعينين أن بعض الفتاوى الصادرة من الهيئات الشرعية نرى أنها لا تتوافق مع الفتاوى الصادرة من مجمع الفقه الإسلامي على سبيل المثال، وبالتالي فإن المتعامل مع البنوك يقع في حيرة من ذلك، وأن من الضروري أن ينظر لتوحيد جهود العلماء في هذا المجال وجعلهم جميعا في هيئة شرعية موحدة تكون تحت مظلة الدولة وليس البنوك، سواء عن طريق ربطها بهيئة كبار العلماء أو مؤسسة النقد السعودي. ويؤكد البوعينين أن زيادة الطلب على المنتجات البنكية يحتم ضرورة النظر في الهيئة الشرعية الموحدة، خاصة وأن العلماء الأفاضل في الهيئات الشرعية يواجهون ضغطا كبيرا لكثرة المنتجات البنكية، وهذا لا يعطيهم الوقت الكافي لدراسة وتدقيق المنتج المطروح. ويضيف أن من شأن الهيئة الشرعية الموحدة تقديم خدماتها لجميع البنوك السعودية كما هو الحال في بعض الدول التي أقرت هيئات شرعية موحدة داخل البنوك المركزية مثل ماليزيا التي تعتبر من أكبر الدول في العالم في الصناعة المالية الإسلامية. وقال إنه ربما كانت الحاجة لتعدد الهيئات الشرعية في السابق نظرا لحداثة التجربة وكون المصرفية الإسلامية لم يمض من عمرها اليوم أكثر من 35 عاما وهي تجربة لا تقارن مع المصرفية التقليدية التي تمتد لمئات السنين، مشيرا إلى أن اليوم انتشرت المصرفية الإسلامية بشكل كبير جدا وأصبحت واقعا ملموسا ووصلت لمرحلة النضج، ويحتم ضرورة إنشاء هيئة شرعية موحدة. ياسر دهلوي وعدد البوعينين مزايا الهيئة الشرعية الموحدة بأنه يزيل اللبس الذي يحصل أحيانا، وكذلك يوحد الجهود، ويعطي الوقت الكافي لدراسة المنتجات الجديدة، وبما يضمن السرية في التعاملات البنكية لكل بنك، إلى جانب خفض التكاليف وتركيز الجهود، والفصل التام بين البنوك والعاملين في الهيئات الشرعية. وفيما يتعلق بالرأي الذي يرى أن الهيئة الشرعية الموحدة تحد من طرح الآراء أكد فضل البوعينين أنه يمكن التغلب على هذه المشكلة من خلال اختيار أعضاء الهيئة المركزية وفقا لمعايير التنوع العلمي المحقق للمصلحة. من جانبه يرى الدكتور يوسف الزامل مساعد الأمين العام للهيئة الإسلامية للاقتصاد والتمويل، أن توحيد الهيئات الشرعية من أهم الأمور التي ينادي بها كثير من الاقتصاديين والباحثين الشرعيين، مشيرا إلى أن الهيئة نظمت ندوات وملتقيات طرح بها مثل هذا الرأي. وأضاف الزامل أن مؤسسة النقد السعودي مطالبة بوضع قوانين منظمة للعمل المصرفي الإسلامي، كون جميع القوانين الموجودة حاليا هي بالأصل للبنوك التقليدية، ولذلك فإنه من الأنسب وضع إدارة مستقلة بالمصرفية الإسلامية وإنشاء هيئة شرعية موحدة تحت مظلتها. وبين الزامل أن كثير من الدول باتت تنظر للمصرفية الإسلامية باهتمام بالغا ووضعت القوانين المنظمة لها، وأنه يجب أن يكون هناك تنظيم للمصرفية الإسلامية في المملكة ومن أهمها وجود هيئة شرعية مستقلة. في حين يرى ياسر دهلوي المدير التنفيذي لدار المراجعة الشرعية أن وجود هيئة شرعية موحدة يحتاج إلى تأني، موضحا أن في الوقت الحالي فإنه من الأفضل أن يكون هناك حد أدنى لعمل الهيئة الشرعية الموحدة إن كانت ستكون تحت مظلة مؤسسة النقد السعودي. وبرر دهلوي حديثه بأنه يمكن أن تكون هناك هيئة شرعية موحدة تنظر في أي منتج جديد لم يعرفه السوق، وبالتالي فهي تعطي رأيها الشرعي فيه ومدى توافقه مع الشريعة الإسلامية. وتطرق دهلوي إلى المعايير الشرعية التي أصدرتها هيئة المراجعة والمحاسبة للمعايير الشريعة الإسلامية في البحرين والتي تعمل بها كثير من البنوك المركزية، فهي معايير جاهزة ويمكن الاستعاضة بها في العمل المصرفي الإسلامي في السعودية. وكان بنك HSBC البريطاني قد توقع أن يواصل قطاع المصرفية الإسلامية نموه بمعدل سنوي قدره 20 في المائة حتى عام 2012، وأن يمتد النمو في هذا القطاع إلى الأسواق التقليدية كالسعودية وماليزيا ومزيد من البلدان التي تتبني اللوائح المتوافقة مع قطاع المصرفية الإسلامية. واعتبر البنك السوق السعودية من أهم وأكبر أسواق المصرفية الإسلامية في الشرق الأوسط، متوقعا أن تواصل الحفاظ على موقع الصدارة باعتبارها أكبر سوق للصيرفة الإسلامية في المستقبل القريب. ووفقا لتقديرات البنك فقد نما قطاع المصرفية الإسلامية بمعدل مضاعف سنوي مركب على مدى السنوات القليلة الماضية. واستفادت أسواق مثل ماليزيا ودول مجلس التعاون الخليجي على وجه الخصوص من هذا النمو القوي.