مازال المجتمع يواصل قسوته وإهماله للشباب الذين تتكرر مأساتهم في صيف كل عام، هؤلاء الشباب الذين لا يجدون أماكن تشغل أوقات فراغهم وتنتشلهم من الاستسلام لمشاعر «الكبت» و»التضييق»، يعيشون حالة صراع دائم، فتجدهم في تصادم مع رجال الأمن في المجمعات التجارية، حيث يرفضون دخولهم بحجة اقتصاره على العائلات، في المقابل تلاحقهم نظرات «السخط» من أهاليهم نتيجة ممارسات يرى فيها كبار السن تجاوزاً لا يليق!. وحين تبحث وتتقصى عن الأماكن التي يلجأ لها هؤلاء الشباب فلن تجدها تخرج عن محاولات للتسلل إلى المراكز التجارية، أو التوجه إلى المقاهي الشعبية، والتي تغريهم برخص أسعارها وعدم فرض رسوم دخول. «الرياض» تُسلط الضوء على الموضوع، لوضع الحلول المناسبة التي من شأنها القضاء على مشكلة الشباب الموسمية. رفض مطلق البداية كانت بمجموعة شباب في حدود العشرة يتجادلون مع حراس أمن أحد المجمعات، الذين يصرون على إخراجهم من المجمع، والشباب من ناحيتهم يصرون على البقاء بحجة خلو المجمع في الفترة الصباحية، هذه الاحتجاجات تقابل برفض مطلق من حراس الأمن الذين تجمعوا في ما يشبه حالة الطوارئ، مع تلويح باللجوء إلى القوة, وفي النهاية يغادر الشباب المجمع بانكسار، ليصل الاحتقان بهم إلى الوقوف بالسيارات بطريقة لا مبالية، مع أصوات المسجلات تسمع عن بعد مع كم وافر من العبارات الساخطة. فراغ قاتل وقال «بسام محمد» -طالب الصف الثاني ثانوي-: إنهم لا يجدون متنفساً لهم، مضيفاً أنهم يواجهون استغلالاً مادياً من أماكن الترفيه، مثل الملاعب الخاصة. وكشف «معن البلوي» و»أنس حربي» و»مرهف المدني» عن معاناتهم مع الفراغ القاتل، وقالوا: ذهبنا للتسجيل في أكاديمية أحد الأندية، وكان عددنا (50)، تم تسجيل اثنين منا، وحينما أردنا استئجار ملعب خاص، تفاجأنا بأسعار فوق قدراتنا كطلاب، بل إن البعض لا يقبلنا بحجة كثرة مشاكلنا، مؤكدين على أن العادة السنوية لهم لن تتغير، وهي السهر إلى ساعات الصباح على الأرصفة، ولعب الكرة في الشارع، إلى جانب النوم طوال ساعات النهار. مراكز الأحياء وسألناهم إن كانوا قد سمعوا عن مراكز الأحياء ومشروعاتها الموجهة لخدمة سكان الحي، وعن الساحات والملاعب التي أعلنت أمانة جدة عن إنشائها في كل الأحياء، وبلهجة ساخرة علق «أنس حربي» على تساؤلنا بقوله: «ماذا قدموا لنا لكي نسمع عنهم؟. وطالب «باسل الشريف» –في الصف الأول متوسط- بزيارة الحدائق داخل الحي، لمشاهدة حجم الإهمال، وتساءل «بسام محمد»: هل شاهدتم هذه الحدائق؟، في إشارة إلى أنها تعاني من سوء الخدمات!. ضعف البرامج وتساءل «مساعد العصيمي» -مدير تحرير صحيفة الشرق الأوسط- عن غياب الساحات وهموم الشباب؟، قائلاً: اليوم والإجازة الصيفية تطل بوجهها الكئيب، تقافزت أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات، في ظل ضعف البرامج الترفيهية والترويحية المقدمة، قد يستطيع الشاب القفز مؤقتاً على العوائق الترفيهية التي يعاني منها في بلده من خلال البرامج المؤقتة، لكن ماذا عن بقية الأيام والشهور؟، ما الذي قدم لهم في إطار الترفيه والتطوير النفسي والبدني؟، مؤكداً على أن الحاجة تتطلب تجهيز ساحات وملاعب الأحياء، بالمستلزمات الرياضية المهيأة، بإشراف تدريبي واجتماعي، والتي ستكون سبيلاً جيداً لمنع الشاب من تفريغ طاقاته فيما هو مخالف، ولاسيما أن الانحرافات تحدث نتيجة لحرمان المراهق من إشباع رغباته، وتفريغ طاقاته، وأيضا عدم تنظيم أوقات الفراغ. التقصير موجود وأقر «م.حسن الزهراني» -أمين مراكز الأحياء- بكل شجاعة بتقصير كل الجهات تجاه الشباب، مرجعاً ذلك إلى عدم وجود ميزانيات تمكن المراكز من تأهيل وتجهيز ملاعب وساحات لتكون متنفساً للشباب. وأكد «د.بهجت حموة» -مدير عام الحدائق والتشجير والمرافق البلدية في أمانة محافظة جدة- على أنه تم تنفيذ نحو (50) ساحة بلدية موزعة على عدد من الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية، تحتوي على ملاعب للصغار والكبار ومرافق ومضمار للمشي، وحين طلبنا الوقوف عليها ميدانياً وعدنا باستقباله لنا في اليوم التالي، إلاّ أنه لم يف بوعده!. حجم المشكلة ويبقى التساؤل مطروحاً وموجهاً لإمارات المناطق: أين هي من مطالبة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ، لأمراء المناطق بضرورة إيجاد أندية ذات مستوى عال يقضي فيها الشباب أوقات فراغهم؟، وأين هي من مطالبته باستغلال أوقات فراغ الشباب؟، والعمل على إنشاء أندية رياضية في الأحياء بهدف حمايتهم من الوقوع في المخدرات واستغلال أوقات فراغهم بالشكل السليم، ولا شك أن الإجابة ستظل معلقة إلى أن يجد هؤلاء الشباب أندية رياضية واجتماعية وثقافية تحميهم وتحفظهم من الانحراف وتشغل أوقاتهم بما هو مفيد. معن البلوي أنس حربي مرهف المدني