المنتدى اللوجستي العالمي 2024 يختتم أعماله ب65 اتفاقية تخطت 16 مليار ريال وبحضور تجاوز 13 ألف زائر    المربع الجديد يستكمل حفر وترحيل 10 ملايين متر مكعب من التربة وتحقيق 3 ملايين ساعة عمل آمنة    أمير القصيم يترأس إجتماع مجلس إدارة جمعية الإسكان الأهلية    مبادرة توعوية للكشف المبكر عن سرطان الثدي لمنسوباتها بأمانة الشرقية    المنتخبات السعودية تحصد 9 ميداليات ذهبية و5 فضيات في الأولمبياد الخليجي للعلوم    بناءً على توجيه خادم الحرمين.. ولي العهد يغادر إلى مصر    أمين عام التحالف الإسلامي يلتقي وزير الدولة وزير الدفاع والمحاربين القدامى في بوركينا فاسو    هل تتضرر «هاريس» بفقد أصوات الأمريكيين العرب ؟    مكتب التربية يكرم الفائزين في الأولمبياد الخليجي للعلوم    "سعود الطبية" تُعالج حالتين من التسارع البطيني بتقنية ثلاثية الأبعاد لأول مرة في المملكة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة لمساعدة الشعب اللبناني    ولي العهد‬⁩ يرأس جلسة مجلس الوزراء‬⁩    انطلاق أعمال الجمعية العامة ال 149 للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف    الأمير سعود بن مشعل يستقبل مدير تعليم مكة وعدد من المعلمين والمعلمات المتميزين    محافظ حفر الباطن يستقبل قائد قوات المجاهدين السابق بالمحافظة    أطباء يلتزمون برفع معايير الرعاية لمرضى التهاب الأمعاء    «هيئة الإحصاء»: استقرار معدل التضخم في السعودية عند 1.7٪ خلال سبتمبر 2024    هيئة تنظيم الكهرباء و هيئة المياه توجّهان مقدمي الخدمات بتوثيق وربط العدادات بالمستفيد الفعلي    كانسيلو: الرياض مدينة ممتعة.. وأريد رد الجميل لجماهير الهلال    الاتحاد الدولي للاتصالات يشيد بجهود السعودية لتنظيمات الاقتصاد الدائري الرقمي    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة لمساعدة الشعب اللبناني    بديل مصعب الجوير أمام البحرين    الاستيراد الثقافي كسل فكري    لرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية: العلاقات السعودية-الصينية "لم تكن يوماً أفضل مما هي عليه اليوم"    الاتفاق يستأنف تدريباته بجمل تكتيكية خاصة للمهاجمين والمدافعين    عودة بونو إلى الهلال    "تراحم القصيم" توقع اتفاقية لتقديم خدمات قانونية لمستفيديها    تجمع القصيم الصحي: مستشفى البدائع يواصل خدماته الصحية    مؤشرات البورصة الأمريكية تغلق على ارتفاع    288 سعودية يباشرن 8 آلاف قضية يومياً.. إخلاء العقارات و«العمالية» في الصدارة    مسيرة الخير والعطاء    التكنولوجيا الحيوية.. هل تخفض الوفيات المبكرة إلى النصف بحلول 2050 ؟    خزان «الفيب» يحول السجائر الإلكترونية إلى الوفاة    رؤوس «دش الاستحمام» و«فرش الأسنان» خطر قاتل.. احذروهم !    المدير العابر للأجيال    هل ننتظر حرباً إقليمية؟    روسيا تسيطر على قرية ليفادني الأوكرانية    وزير الصناعة يناقش تعزيز التعاون التعديني وحلول الطاقة النظيفة في إيطاليا    نائب أمير المدينة يرعى الحفل الختامي ل «معسكر ورث»    طرح تذاكر عرضَي «كراون جول» و«WWE RAW»    الأخضر تحت 21 عاماً يتغلّب على الإمارات في ختام المعسكر الإعدادي    تنمية المسؤولية المجتمعية مطلب ديني وطني    أنين الاختناق المروري !    العين يطرح تذاكر نخبة آسيا .. و5% من سعة الملعب لجماهير الهلال    أمير القصيم يدشن ويضع حجر الأساس لمشاريع جديدة بتكلفة4 مليار ريال        أمير حائل يهنئ مدير مكافحة المخدرات    أمير القصيم يؤدّي صلاة الميت على محافظ عنيزة السابق    "فرع الإفتاء جازان": ينظم مبادرة "الشريعة والحياة" بالكلية الجامعية بمحافظة جزر فرسان    وزارة الإعلام تعلن النسخة الخامسة من جائزة التميُّز الإعلامي 2024    " نسك" أول منصة سعودية تتيح خيار التخطيط والحجز وعيش تجربة العمرة أو الحج    سارة الزين تحيي أمسيتها الشعرية الأولى بأدبي الطائف    استعدادات لمسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية في موريتانيا    محمية الملك سلمان تحتفل بتسجيلها في القائمة الخضراء    جازان: مساجد بلا صيانة.. مَنْ المسؤول ؟    صديقي الوزير    أمير الشرقية يعزي أسرة الدوسري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقييم التعليم القانوني في المملكة العربية السعودية
نشر في الرياض يوم 28 - 06 - 2011

من الواجب الشرعي وأمانة للمسؤولية ألا يستجاب لمن يقف في طريق التعليم القانوني، ولا يجوز أن تراعى معارضات أفراد على حساب الملايين من المواطنين الذين ملّوا وتضرروا من تلك الممانعات عبر عقود سالفة، ومن المسلّم به شرعاً القاعدة الفقهية التي تنص على أن (الضرر يزال)، لأننا لم نخرج من تلك الممانعات السلبية إلا بضياع الأعمار.
معرفة الرجال مكسب للرجال، وحينما يُضاف لرجولتهم وشهامتهم العلم الذي يسبغونه عليك، والمعرفة التي يكرمونك بها فإنك في هذه الحالة تكون ممن ظفر بكنز دفين يجب عليك المحافظة عليه والوفاء له، ومن هؤلاء الكثير ممن عرفناهم في مسيرة الحياة التي تزيد على أربعة عقود..
ولو أخذ الواحد منا في الاستطراد بذكر النماذج لطال بنا المقال، ويشرفني أن منهم الأخ الدكتور أيوب الجربوع أستاذ القانون الإداري المشارك بمعهد الإدارة العامة، وقد أكرمني بتزويدي بنسخة من ورقة عمله بالعنوان أعلاه لهذا المقال؛ حيث قدمها في (المؤتمر العالمي الأول حول التعليم والتعلم) الذي نظمته جامعة الأمير سلطان مطلع هذا العام، وكان للورقة ردود أفعال متنوعة، ولكن مصالح العباد والبلاد وتوجيهات ولاة الأمر - أعانهم الله - تستدعي وجوب التأكيد على مضامين هذه الورقة المهمة، لأن دولتنا الرشيدة تتطلب المصارحة للتطوير والتنمية لصالح أجيالنا المقبلة، فالدنيا من حولنا تنمو، ولسنا بأقل منهم عدداً ولا عدة، وفينا من الرجال والنساء من أبهروا العالم بإبداعاتهم وابتكاراتهم، وإنني أجد نفسي متوافقاً مع هذه الورقة العلمية التي حملت همّ الوطن ومواطنيه، والمرحلة تتطلب أمثال هذه الأفكار وتلك الكوادر.
والتعليم القانوني كان محل جدل خلال العقود الماضية من بعض الأفراد والجهات وبحسن نية، وذلك من باب حماية الشريعة في ظنهم، ولذا راج الموقف السلبي المطلق من مصطلح (القانون الوضعي)، ولم يقف الحد عند باب مصطلح (القانون) والتمنع منه ومقاومته، وإنما بلغت الحال تعميم الرد على كل وضع بشري، مع أن الأمر لا يتعلق بشؤون دينية وإنما دنيوية، ولا مشاحة في الاصطلاح حول كلمة (القانون)، مع اعتقادي برجحان هذا المصطلح لإرثه التاريخي العربي الإسلامي، فهو جامع ومانع بخلاف مصطلح (النظام) الذي لا يصدق عليه كل جزئيات معاني (القانون)، فضلاً عن أن المضمون في شأن التنظيم والتقنين لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، بل هو من الواجبات الشرعية باعتبار أن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، وهو من باب المصالح الشرعية المرسلة والمعتبرة والذي تجلب به المصالح للعباد والبلاد ويُدرأ به المفاسد عنهما دفعاً ورفعاً، ولذا نستحضر دائماً الحديث النبوي بقوله صلى الله عليه وآله وسلم في قصة تأبير النخل: (أنتم أعلم بأمر دنياكم)، وقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)، وهذا يشمل شؤون الدنيا وإجراءات ما سواها، ولذا فالضابط الوحيد بألا يتعارض مع الشريعة الإسلامية وليس بأن يوافقها على كل حال، لأن دائرة المباحات هي الأصلية والواسعة، والشريعة جاءت لتحقيق هذا المناط للمخلوقين.
وعليه فلا حرج من تسمية النظام بمصطلح (القانون)، ولا مانع شرعياً من تنظيم شؤون دنيانا وحتى إجراءات شؤون ديننا، وذلك مثل تنظيم شؤون الصلاة في الوقت بين الأذان والإقامة، وكذلك في تأخير أذان العشاء في رمضان، وبقية شعائرنا الدينية، وأيضاً شؤوننا القضائية كالقوانين الإجرائية والفنية..
ولو رجعنا لأصول الفقه وقواعده ومقاصد الشريعة وسياستها لأدركنا أنه من الواجب المبادرة وليس الممانعة في تقنين مصالح الناس، ومن يقف خلاف ذلك فهو دافع للمصالح وجالب للمفاسد على العباد والبلاد، ولا أظن بأن هناك اليوم من يتبنى هذا الفكر الممانع إلا القليل النادر، ولكن المجتمع بقياداته العلمية ووعيه المعرفي ومنطلقاته الشرعية ضامن لعدم تكرار الأخطاء من جديد، فيكفينا ما مضى من أعمارنا في ممانعات ومماحكات ألحقت الأذى على العباد والتخلف بالبلاد.
وعند الرجوع إلى النظام الأساسي للحكم وأنظمة القضاء، نجد بأنها أكدت على الشريعة وعدم مخالفتها، وعليه فقد أوصت اللجنة العليا لسياسة التعليم في البند رقم (146) من وثيقة التعليم الصادرة عنها منذ عام 1390ه بأن تُعنى كلية الشريعة بالدراسات الحقوقية لتخريج متخصصين شرعيين حقوقيين لسد حاجة البلاد، إضافة إلى أن مجلس الوزراء أكد ذلك عبر قراره رقم (167) في عام 1401ه عبر البند (رابعاً) بأن يتم تدريس الأنظمة في كليات الشريعة، ومع ذلك مضت كل هذه السنين دون أن نرى تطبيقها، وهذا بكل تأكيد ضد تحقيق المصلحة العامة، وهكذا نحن في كثير من شؤون حياتنا نمانع تجاه كل جديد لأن الإنسان عدو ما يجهله، وبدلاً من أن نبادر بالمطالبة بذلك إذ بنا نجد البعض يقف عائقاً أمامه، وهذا دليل على أن النظام السياسي لدينا أكثر سبقاً في التحديث والتطوير من المجتمع، في حين كان من الواجب أن يكون الناس هم المبادرين فضلاً عن الترحيب بمثل هذه القرارات وليس الممانعة في تحقيق ما يصب في مصلحتهم، ولكن لعل الثورة المعلوماتية اليوم عبر الإعلام الجديد في الفضائيات والاتصالات والإنترنت تساعد على الانفتاح الفكري والاستفادة من مخرجات البشرية لما فيه تحقيق مناطات المصلحة العامة.
وعلى هذا الصعيد فإنني أرحب بإنشاء كليات جديدة ضمن الجامعات الناشئة تحت اسم (كلية الشريعة والقانون) وهو المعمول به في الجامعات الإسلامية كالأزهر، فضلاً عن تحويل أقسام الأنظمة إلى كليات للأنظمة والحقوق كما هي حال الكثير من الجامعات العربية والعالمية، وهذا تطور إيجابي ولو جاء متأخراً، مع ما نجده من بعض الممانعات هنا وهناك، إلا أنه من الواجب الشرعي وأمانة للمسؤولية ألا يستجاب لمن يقف في طريق التعليم القانوني، ولا يجوز أن تراعى معارضات أفراد على حساب الملايين من المواطنين الذين ملّوا وتضرروا من تلك الممانعات عبر عقود سالفة، ومن المسلّم به شرعاً القاعدة الفقهية التي تنص على أن (الضرر يزال)، لأننا لم نخرج من تلك الممانعات السلبية إلا بضياع الأعمار، ثم نتفاجأ بعد عشرات السنين بأن ما كان محرماً ومنكراً قد أصبح مباحاً ومعروفاً، بل ومشروعاً ومطلوباً، وما مسألة تقنين الأحكام القضائية إلا نموذج عليه، فضلاً عن أن كليات الشريعة لا تزال مناهجها ومخرجاتها لا تحاكي الواقع المعاش، وإن كانت الشريعة ثابتة إلا أنها صالحة لكل زمان ومكان، ولابد من تحقيق مناط هذا الشعار على أرض الواقع.
وحيث إن هناك أقساماً لا تدرّس إلا الشريعة، في حين أن هناك غيرها لا تدرّس إلا الأنظمة (القانون) في مرحلة البكالريوس، فقد خرج لنا شرعيون فاقدون للعمق القانوني، وقانونيون فاقدون للعمق الشرعي، في حين كان من الواجب شرعياً ووطنياً أن يتم تطعيم كليات الشريعة بما يكفي من علم القانون وأنظمته، وكذلك تطعيم كليات الأنظمة بما يكفي من الشريعة وقواعدها، وهذه الفجوة بين التخصصين يجب أن يتم ردمها، ولن يتم هذا إلا بإرادة عليا، ويبقى التخصص الدقيق في الدراسات العليا، ولهذا نجد بأن القاضي في المحاكم الشرعية يحتاج للقانون في الإجراءات، والناحية الشكلية والفنية للمرافعات والمداولات والصياغة، في حين يحتاج للشريعة في التكييف والتسبيب والحكم، ولذا فلا نلوم المخرجات إذا كانت ضعيفة في ظل الفصل بين الشريعة والقانون، في حين أننا نمارسهما في كل صباح عبر قضايانا ومحاكمنا وكل شؤون حياتنا، وهو المتوافق مع بنية نظامنا الدستوري والقانوني؛ حيث إن مفاده علو وسمو أحكام الشريعة الإسلامية على كل ما تصدره الدولة من أنظمة ولوائح وما تصادق عليه من اتفاقيات ومعاهدات دولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.