بدأت حرارة الصيف تشدد وبدأ المتداولون في سوق الأسهم السعودي يبتعدون عنها استعدادا لإجازة الصيف التي بدأت هذا الأسبوع ويتخللها شهر رمضان الكريم، بينما لا يبعدنا عن نتائج أرباح الشركات في الربع الثاني إلا عدد من الأيام والمتوقع لها أن تكون النتائج أفضل في الربع الحالي مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي ومن المحتمل أن تكون أيضا أفضل من الربع السابق. لكن قد لا يؤدي ذلك إلى رفع السيولة إلى 6.4 مليارات ريال كما حدث في 19 ابريل الماضي عندما أعلنت سابك عن نتائجها التي تجاوزت جميع التوقعات. لقد بدأ يضعف أداء المؤشر العام مع تقلب في حجم التداول اليومي (عدد الأسهم الحرة المتداولة) وتدن في السيولة بشكل ملحوظ منذ 7 يونيو من 5.4 مليارات ريال إلى 3 مليارات ريال في 22 يونيو الحالي. لكن السؤال هل نستطيع أن نتنبأ بحركة حجم التداول بناء على مؤشر السوق؟ وإذا ما كانت العلاقة ايجابية بين حجم التداول وحجم السيولة في السوق فما هو حجم التداول المناسب لاعادة السيولة إلى حجمها السابق؟ وما هو حجم التداول الذي يعيد السيولة إلى مستوى 6 مليارات ريال؟ إنها أسئلة دائما يرددها المتداولون في سوق الأسهم عند ركود أو تباطؤ أدائه، مما يعرضهم إلى خسارة لأن معظمهم مضاربون من الأفراد ويتأثرون بالتحليل الفني الذي يركز على حجم التداول في الأجل القصير بعكس ما يحدث للمستثمرين طويلي الأجل الذين لا يتأثرون كثيرا بالتقلبات اليومية لان نظرتهم طويلة وتعتمد على التوقعات المستقبلية وعلى الأرباح الرأسمالية والعوائد المتراكمة. لقد شد انتباهي بحث بول (Paul Abbondante) في الدورية الأمريكية للاقتصاد وإدارة الأعمال في 2010، الذي ذكر ان التحليل الفني يركز على حجم التداول لتحليل تحركات أسعار الأسهم الفردية، وتقديم توصيات استثمارية للشراء أو البيع. ولكن في تحليله ركز على العلاقة بين المؤشر العام وحجم التداول الذي يحدد المسار العام لسوق الأسهم، حيث يمكن استخدام تغير حجم التداول للتنبؤ باتجاهات السوق المستقبلية بدلا من التركيز فقط على الأسهم الفردية. لذا استخدم تحليل الانحدار ((Regression analysis لاختبار العلاقة بين حجم التداول لخمسة مؤشرات هم داو جونز، نازداك، نيويورك، أس وبس، ويلشاير خلال الفترة من يناير 2000 إلى يونيو 2010 بشكل يومي ومتأخرة 5 أيام (Lag-5)، وكانت النتائج التي اجتازت الاختبار العام لمدة ما بين 6 أشهر و16 شهرا، أما المفاجأة ان النتائج التي لم تجتز الاختبار العام كانت على مدى شهر وهي مدة قصيرة محل تركيز التحليل الفني. أما صبري ن. ر (2008) فحلل الترابط ببين حجم التداول ومؤشراته لثمانية أسواق عربية باستخدام معامل الارتباط للفترة من 1994 إلى 2006 على أساس شهري، ووجد ان أعلى ترابط كان في السعودية، مسقط، عمان، الكويت. لاحظ انه لم يستخدم تحليل الانحدار وإنما معامل الارتباط وهنا فرق واضح بين التحليلين. وهذا دفعني الى تطبيق ذلك على سوق الأسهم السعودية مستخدما معامل الترابط وذلك للفترة من 1 يناير إلى 22 يونيو 2011 والذي أوضح ترابطا سلبيا (-0.08) لا يذكر. كما استخدمت تحليل الانحدار البسيط الذي يشمل على المتغير غير المستقل (مؤشر السوق) والمتغير المستقبل (حجم التداول اليومي) وذلك لنفس الفترة ولكن متأخر 5 أيام ليعكس حركة التداول في الأسبوع السابق. كما تم استخدام عدد الأيام كاملة (78) يوما و(73) يوما و(52) يوما ولم يكن التغير في المؤشر ((Coefficient أي اثر علي حجم التداول عند معدل 95% من الثقة، حيث فشل في اجتياز اختبار الأهمية الفردية (T-st) والعامة F-st))، وهذا لا يدعم التحليل الفني بأن حجم التداول يعطي زخما لمؤشر السوق في الأجل القصير ولكنه يدعم فرضية كفاءة السوق التي تدعي انه لا يساعد على التنبؤ بمسار السوق. وهذا واضح من تحليل المعلومات اليومية مباشرة على سبيل المثال في 13 يونيو انخفض المؤشر عن اليوم الذي سبقه من 6443 نقطة إلى 6378 نقطة بينما على النقيض ارتفع حجم التداول من 128 ألف سهم إلى 149 ألف سهم في نفس الأيام. وعندما نقيس تأثير حجم السيولة اليومي على حجم التداول اليومي خلال نفس الفترة وباستخدام تحليل الانحدار، فان من الواضح ان حجم التداول يشرح 78% من التغير في حجم السيولة وان ارتفاعه بمقدار (1) مليون سهم يؤدي إلى رفع السيولة بمقدار (15.6) مليون ريال، لاحظ ان 22% من التغير في السيولة نتيجة لعوامل أخرى. فالسوق يحتاج إلى أن يرتفع حجم التداول من إلى 333 مليون سهم لكي تصل السيولة إلى 6 مليار ريال. إن تلك النتائج قد تتغير لو تم استخدام تلك الأرقام على فترة أطول مع مراعاة الفترات التي تحدث فيها تقلبات حادة. لكن الهدف من هذا التحليل البسيط إعطاء المتداول فكرة جيدة ألا يعتقد ان متغير حجم التداول سوف يقود إلى ارتفاع المؤشر. لذا على المتداول أن يتوخى الحذر وان يحلل جميع المتغيرات في معادلة تداول الأسهم وان يربطها بعوامل بيئة الأعمال الداخلية والخارجية حتى يكون على بينة من أمره ولا يلقي بنفسه في فخ الأسهم. وأتمنى من جامعاتنا وكذلك المؤسسات المالية أن تنشر بحوثا عملية تكشف حقائق السوق السعودي وتوعي المستثمر حتى لا يعرض نفسه إلى خسارة ويصبح إجمالي خسارة المتداولين له نتائج سلبية على الاقتصاد والمجتمع ككل. * عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية * عضو الجمعية المالية الأمريكية