ما نزال في حاجةٍ إلى مزيدٍ من تنشيط الحراك الثقافي والفني على امتداد الساحل الشرقي. جمعية الثقافة والفنون بالدمام لها دور كبير في خلق أجواء فنية وثقافية؛ من خلال ما أقامت من أمسيات موسيقية ومسرحية وسينمائية تحركت بين حفلات الطرب البهيجة (ذكرى طلال مداح) وتلك الموسيقية المحضة (أمسية سبايا)؛ مروراً بمهرجان الدمام للعروض المسرحية القصيرة ومهرجان مسرح الطفل؛ وصولاً إلى السينما التي كان آخرها عرض فيلمي المخرج عبدالله آل عياف (عايش) و(ست عيون عمياء). وقد ساهمت جميع هذه الفعاليات في تحريك المياه الإبداعية الراكدة؛ مستقطبة جيلاً جديداً من المواهب في مختلف الفضاءات الفنية والأدبية. نعم الأدبية كون هذه الجمعية؛ لا تزال تصر على استثمار العنوان «الثقافي» وذلك من خلال إقامة أمسيات شعرية لشعراء سعوديين بارزين كما نتذكر في أمسيات الشعراء عبدالله السفر وأحمد الملا ومحمد الحرز وغيرهم؛ مثلما فعل من جهة مقابلة، النادي الأدبي بالشرقية الذي استمر حتى العام الماضي في تقديم عروض سينمائية سعودية شابة؛ كان آخرها في شهر مايو (2010) حيث عرض النادي الفيلمين القصيرين السعوديين «داكن» للمخرج بدر الحمود وفيلم «الجنطة» لمحمد التميمي، إلى جانب تقديم النادي الشرقي في العام الماضي أمسية موسيقى «هيب هاب» أمريكية؛ لا تنسى، في ذات الأجواء التي تعود عليها الجمهور من نادي الشرقية الأدبي؛ في إثبات أن الآداب لا تنفصل أبداً عن الفنون. إلا أن هذا الأمر على ما يبدو تغير، مع مجيء الإدارة الجديدة للنادي الأدبي والتي كما يبدو لا تزال تنظر للفعل الثقافي بوصفه فعالية ورقية جامدة ضمن ذات الرؤية التقليدية البيروقراطية للأدب والثقافة؛ إذ لا أحد ينتظر من النادي في صيغته الحالية أن يقيم أمسيات فنية وهو نفسه النادي الذي رفع شعاراً أيديلوجياً فاجأ الجميع «محاربة الشبهات!» وفق ما نشر في وكالة الأنباء السعودية الشهر الماضي والذي سبب خيبة أمل لجمهور الفنون الذين اعتادوا أن يفتح لهم هذا المنبر الثقافي (أدبي الشرقية) أبوابه للمشاركة الفعالة في تنشيط الحراك الفني في الشطر الشرقي من البلاد. حسناً هل انتهى كل شيء؛ لا بالطبع ثمة أمل في المزيد من المواهب وأملٌ موازٍ في مستقبل يحتضن الفنانة والفنان السعودي؛ من خلال المنتديات الفنية والثقافية التي تمثل أحد روافد المجتمع المدني؛ إلا أن الثقافة والفنون هي كائن روحي يحتاج إلى دعم مؤسسي قوي كي ينهض؛ شركة ارامكو السعودية، صيف العام الماضي قدمت تجربة مهمة في دعم الفنون عبر إقامة عدد من الفعاليات الفنية المصاحبة لمهرجان «صيف ارامكو» مفتتحة معرضاً تشكيلياً سعودياً معاصراً إلى جانب المعرض العالمي للخط العربي؛ مستضيفة أسماء عالمية وإسلامية على هامش هذا المهرجان الذي جاء له الجمهور من شتى أنحاء المملكة. إلا أن الأمل الأكبر والذي ينتظره الكثيرون هو في افتتاح مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في (12-12-2012) والذي سيكون بلا شك مفاجأة كبيرة ليس على مستوى الشرقية ولا المملكة وإنما على امتداد الخليج العربي؛ حيث سيتضمن هذا المركز الذي يتم العمل عليه حالياً (ليلاً نهاراً)؛ إقامة مسارح مجهزة بمواصفات عالمية؛ من المتوقع أن تستضيف مؤتمرات وعروضاً ثقافية وفنية وإبداعية دولية؛ إذ ما أن أعلن عن تدشين هذا الصرح الثقافي حتى بدأ الكثيرون، مبكراً يتداولون أسماء شخصيات ستأتي إلى الشرقية لإقامة أمسية ثقافية وفنية كنصير شمة وياني وباولو كويلو وعمر خيرت وأمبرتو إيكو وغيرهم من الشخصيات الإبداعية العالمية التي ينتظر حضورها بشوق عشاق الآداب والفنون. كما يتأمل الكثيرون من شباب الفنون والثقافية في الشرقية والمملكة أن يكون هذا المركز حاضناً أيضاً لتلك المواهب الشبابية الجادة عبر تدشين معاهد رديفة، تختص بالفنون المعاصرة ومنها السينما التي تشهد حراكاً بلا دعم.. أجل ثمة أحلامٌ كثيرة لشباب الفنون والمواهب الفنية السعودية في تنشيط ودعم الحراك الفني؛ أوَليس الفن كله، قائما على تجسيد الأحلام أو كما قال لنا النجم السوري العالمي غسان مسعود في حوار سابق: (الفن تجارة الأحلام!).