نقرأ أخبار العالم العربي.. ولنا الحق أن نسخر من مضمون الكثير مما نقرأ.. أن تكون أمامنا.. فيما نقرأ.. شواهد تراجع إلى الخلف، وأن ما قيل عن ثوريات تطور قبل خمسين عاماً تقريباً لم يبشر بوجود أي تطور، وإنما طرح أمام العيون والأفكار شواهد التخلف.. لكن هل ليس لدينا ما يسخر منه غيرنا؟.. وهل يجهل غيرنا أن حجم الإنفاق على مشروع تطوير أو تعليم تحديث واحد يفوق وحده من بين مئات المليارات في مشاريع أخرى جميع ما بُذل في بلاده من إنفاق.. وأننا نواجه مسؤولية النجاح في الوصول إلى قمة النجاح علمياً واقتصادياً، فيما ذلك الغير يعاني من مشاكل معيشية شرسة حيث لم يرتفع بقدراته إلى مهمات التطوير.. هذا الكلام سليم، ولكن نظل مغبونين وحائرين أمام حقيقة أن لدينا ما يسخر منه غيرنا.. وهذا المعيق الذي هو لدينا يغطي به مَنْ يريدون تجاهل قدراتنا، كل إيجابيات لدينا.. بل نخاف أن نسير معهم في موكب المغالطات ورفض العقول المتخلفة لمسارات التطور الرائعة.. وأمامي في هذا السياق حقيقة مخجلة.. وهي أن ما يعاني منه العالم العربي في معظم دوله هو مؤثرات تخلف سبّبتها ضآلة قدرات مصادر الاقتصاد، وأيضاً فشل القيادات السياسية في إنقاذ المجتمعات بمخارج تطوير أخرى.. بينما نحن هنا نعايش حقيقتين لنا بهما خصوصية تمييز وانفراد.. الحقيقة الأولى: أن بلادنا غنية بقدرات الثروة الهائلة القادرة على دفعنا دولياً نحو مراكز مرموقة كبيرة.. الثانية: أن الأكثرية السكانية مؤهلة لملء كل الاندفاعات على تنوّعها نحو الأمام.. إذاً أين المشكلة؟.. أين ما يسخر منه غيرنا لدينا؟.. هو هذا الحضور الغريب لأفكار لا أقول إنها تعيد ذهنيتك لما قبل خمسين عاماً فيما يخص المرأة وحقوقها وفيما يخص الثقافة وأهمياتها.. لأننا قبل خمسين عاماً لم نجد أن أقلية في مجتمعنا منعت المرأة من ركوب الجمل أو الجلوس في ميادين البيع التجاري المبسطة.. المرأة التي أصبحت تحمل الدكتوراه وتتفوق في مجالات الطب والعلوم وتعدّد عضويتها الدولية.. أصبحت ملزمة - في رأيهم - بمبدأ أن عليها ألا تخرج من بيتها إلا بفعل ضرورة مع زوجها أو والدها.. ثم ما هي صلاحيات مَنْ حاولوا جاهدين تدمير معرض الكتاب ومارسوا وقاحة اللغة ضد وزير الثقافة والإعلام وضد بائعي الكتب؟.. ما هي مشروعية هؤلاء؟.. أليس مما يثير السخرية من قبلنا أن نتذكر ذلك الحرص على عزلة المرأة بضرورة هدم الحرم المكي وإعادة بنائه حيث يتوفر عدم اختلاط المرأة بالرجل.. ولم يقل لنا صاحب هذا الرأي كيف كان الحج في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم..