تناقلت وسائل الإعلام العالمية أنباء تفشي بكتيريا "أي كولاي النزفية المعوية " التي أدت إلى عدد من الإصابات والوفيات في بعض دول الاتحاد الأوروبي وحيث ان تلك الأخبار قد اثارت موجة من القلق لدى الكثير ومع انه لازال هناك حاجة لمزيد من الوقت لرسم صورة متكاملة عن المرض بشكله الجديد إلا أنه من خلال هذا المقال سنعمل على تسليط الضوء على طبيعة تلك البكتيريا ، أنواعها وطرق العدوى ، المضاعفات وطرق الوقاية منها وذلك من خلال المعلومات المتوافرة وأيضا من تفشيات سابقة لأنواع مشابهة . توجد بكتيريا "الاي كولاي" بشكل عام في أمعاء الإنسان والحيوانات ذوات الدم الحار . معظم السلالات من هذه الانواع من البكتيريا تعتبر غير ممرضة بل قد تكون نافعة وتصنف من البكتيريا الصديقة للإنسان والمتعايشة في امعائه حيث يقوم ذلك النوع بالمساهمة في تكوين فيتامين K وعمل توازن مع البكتيريا الممرضة كما أن هناك بعض الأنواع الأخرى من بكتيريا "الاي كولاي" تسبب أمراضا عابرة وبسيطة مثل الإسهال أو التهاب المسلك البولية إلا ان هناك نوعا اخر يدعى بكتيريا الاي كولاي النزفية المعوية والذي نحن بصدده هذا اليوم وهو النوع الذي يتسبب في مضاعفات خطيرة عندما يتناول الإنسان الأطعمة الملوثة أو اللحوم غير المطهية او الحليب غير المبستر. كما انه من وقت لآخر تحدث تفشيات لبكتيريا "أي كولاي النزفية المعوية " في اجزاء مختلفة من العالم بما فيها أوروبا ولكن حجم الإصابات والوفيات اقل مما هو حادث الآن في المانيا بشكل متزايد حيث تم عزل نمط مصلي من هذه البكتيريا يسمى (E. coli O104:H4) وهو نوع نادر لم يسبق له الحدوث بشكل وبائي . طبيعة البكتيريا عدد من انواع هذه البكتيريا متحركة . تبدو بشكل عصوي وتقدر ابعادها ب 2 ميكروميتر طولا وقطر 0.5 ميكروميتر وحجمها يتراوح بين 0.6 – 0.7 ميكروميتر مكعب . تحتوي على اسواط حيث تمكنها من السباحة والحركة . تنمو بكتيريا "الاي كولاي النزفية المعوية" في درجة حرارة تتراوح بين 7 – 50 درجة مئوية وتعتبر درجة حرارة الجسم الطبيعية ( 37 درجة مئوية ) الدرجة النموذجية لنمو هذه البكتيريا وبإمكانها أن تنمو في أوساط حمضية . الأعراض تتراوح فترة الحضانة وهي الفترة بين غزو البكتيريا للجسم وظهور الاعراض بين ثلاثة الى ثمانية ايام . تظهر الاعراض على هيئة تقلصات معوية مؤلمة ، اسهال يتطور ليكون مصحوبا بدم ، ارتفاع في درجة الحرارة ، قيء . وتقوم البكتيريا بافراز نوع من السموم داخل جسم الانسان تعرف باسم " الشيقا" او " الفيروتوكسين" حيث يمكن ان تلحق اضرارا بخلايا الدم والكليتين . العديد من المصابين يتماثلون للشفاء خلال عشرة ايام تقريبا ولكن تبقى نسبة في بعض المرضى قد يتطور المرض الى حدوث مضاعفات خطيرة تهدد حياة المريض مثل متلازمة انحلال الدم اليوريمي والتي ادت الى حدوث الاصابات المعلن عنها خلال هذه الايام . متلازمة انحلال الدم اليوريمي عبارة عن فشل كلوي حاد ، فقر دم انحلالي ونقصد به تكسر في كريات الدم الحمراء وانحلالها ونقص في عدد الصفائح الدموية المسؤولة عن تخثر الدم . وتبلغ نسبة المرضى الذين يتطور لديهم المرض إلى هذه المضاعفات بسبب بكتيريا الاي كولاي النزفية المعوية حوالي 10 % بمعدل وفيات تتراوح بين 3 – 5 % من المصابين . ما يقرب من ربع المرضى المصابين بمتلازمة الدم الانحلالي تظهر عليهم أعراض عصبية مثل التشنجات ، إغماء ، جلطة دماغية . الإناث أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من البكتريا: معظم الإصابات بهذه البكتيريا تحدث عادة في الأطفال الأقل من عمر 15 سنة أو كبار السن إلا أن التفشي الحالي لهذا المرض تميز بارتفاع عدد الإصابات بين البالغين في الفئة العمرية من20 إلى 49 سنة وتشكل الإناث غالبية الحالات المرضية بنسبة تقدر بحوالي 70 % حيث يدور جدل علمي بين المتخصصين لتفسير هذه الظاهرة. طرق العدوى حسب موقع منظمة الصحة العالمية فانه جاري العديد من التحريات لتحديد مصدر العدوى والذي لم يتحدد حتى الآن بشكل قاطع وكانت هناك اتهامات من جانب ألمانيا للخيار المستورد من مزارع اسبانية بأنها مصدر العدوى حيث أدى ذلك إلى حدوث أزمة بين البلدين أطلق عليها من خلال بعض وسائل الإعلام "بأزمة الخيار" . وقد ابلغ أحد عشر بلداً مكتب منظمة الصحة العالمية الاقليمي لأوروبا حتى الان عن وقوع حالات عن هذا المرض . حيث سجلت في المانيا حتى يوم 31 مايو 2011 م تسع وفيات جراء اصابتهم بمتلازمة انحلال الدم اليوريمي ووفاة ستة مرضى آخرين جراء اصابتهم بالاي كولاي النزفية المعوية ويتواصل ارتفاع عدد حالات متلازمة انحلال الدم اليوريمي في المانيا. كما أن الحالات التي ظهرت في الدول الأخرى اتضح أنها قد زارت المنطقة الشمالية من المانيا. بشكل عام تتم العدوى عن طريق تناول الإنسان للأطعمة الملوثة بتلك البكتيريا كالخضروات الملوثة خاصة الخيار والخس والطماطم أو اللحم النيئ أو الحليب و منتجات الألبان غير المبسترة وكذلك قد تكون المياه الملوثة سبباً في نقل هذه البكتيريا للبشر. التشخيص يتم التشخيص في المختبر بفحص لعينة من البراز وعمل مزرعة وتحديد النمط المصلي واكتشاف السموم كما أن تحليل الدم لمعرفة مستوى اليوريا ووظائف الكلى من التحاليل الضرورية في حالة الشك بمتلازمة الانحلال الدموي اليوريمي وكذلك عدد الصفيحات الدموية ومستوى هيموجلوبين الدم . الوقاية حيث لم يتم اعتماد لقاح فعال لهذا النوع الجديد من البكتيريا فانه ينصح باتخاذ التدابير العامة المعمول بها للوقاية من الأمراض المنقولة بواسطة الطعام ومن ذلك: - غسل اليدين بعناية بعد الخروج من دورة المياه وكذلك قبل تناول أو تحضير الطعام او بعد تغيير حفاظات الأطفال وبعد ملامسة الحيوانات أو البيئة المحيطة بها. - غسل الخضار والفواكه جيدا قبل تناولها وغسل الأيدي أيضا بعد غسل الخضروات. - طهي الطعام جيدا عند درجة حرارة قدرها 70 درجة مئوية أو أكثر من ذلك. - تجنب شرب الحليب أو منتجات الألبان غير المبسترة. - تجنب ابتلاع مياه المسابح والمستنقعات والبرك. - تنظيف الأسطح الخاصة والأدوات المستخدمة بتحضير وتقطيع الطعام قبل وبعد استخدامها. - حيث إن الشكوك تدور حول الخيار كمصدر للعدوى فان معهد " روبرت كوخ " الألماني المتخصص في علم الميكروبات ينصح كإجراء احتياطي بتجنب أكل الخيار والطماطم والخس في الوقت الحالي حيث يتفشى المرض في ذلك البلد. - عند ملاحظة وجود إسهال مترافق بالدم فعلى المصاب التوجه لأقرب مركز صحي خصوصا للقادمين من أوروبا وألمانيا على وجه التحديد . المعالجة - لاينصح باستخدام الادوية المضادة للاسهال او المضادات الحيوية لأغراض العلاج حيث ان ذلك قد يسبب تدهورا اكثر للحالة . - تعويض المريض بالسوائل ومراعاة توازن السوائل والأملاح في الجسم . - إجراء الغسيل الكلوى لمعالجة الفشل الكلوي. * رئيس قسم مكافحة العدوى بالشؤون الصحية بمنطقة الرياض+ لا ينصح بالمضادات الحيوية ارتفاع درجة الحرارة من الأعراض