تنتظر الكثير من العوائل نهاية امتحانات أبنائهم حتى يحزموا حقائبهم للسفر بعد عام طويل والبعض منهم يفضل السفر إلى مناطق بعيدة هربا من الصيف الحار في بعض مناطق المملكة. ولأن السفر في عصرنا الحالي أصبح ولله المنة ميسرا ، فإن ذلك شجع الكثير من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة على السفر. كما أن تطور صناعة الطائرات مكّن الطائرات من السفر لساعات طويلة متواصلة قد تصل إلى العشرين ساعة. ولا يعلم الكثير من المسافرين عن الاحتياطات الصحية التي يجب أخذها في الاعتبار عند السفر على خطوط الطيران التجارية. لذلك أردنا في عيادة اليوم أن نذكر بعض الأمور الطبية التي قد تفيد المسافر. ما هو تأثير نقص الضغط الجوي خلال السفر بالطائرة؟: تسافر الطائرات التجارية عادة على ارتفاع 7-12 ألف متر فوق سطح البحر ويعدّل ضغط كابينة السفر (داخل الطائرة) إلى 1500-2500 متر فوق سطح البحر. هذا التغير في ضغط الهواء الجوي له تأثيرات فيزيولوجية وعضوية يستطيع الإنسان السليم تحملها مع بعض الآثار الجانبية الخفيفة أما المرضى فقد تؤثر عليهم بشكل أكبر. ويسبب نقص الضغط الجوي وخاصة في الرحلات الطويلة أعراضا تشبه أعراض تسلق المرتفعات بسبب انخفاض الضغط الجوي ومن هذه الأعراض الخمول، الصداع، الدوخة الغثيان وغيرها ويبدأ ظهور الأعراض بعد 3-4 ساعات من السفر. من المعلوم طبيا أن انخفاض الضغط الجوي يسبب انخفاضا في ضغط الأكسجين المستنشق من الهواء ومن ثم مستوى ضغط الأكسجين في الدم. فعند الضغط الجوي على ارتفاع 2500 متر ينخفض ضغط الأكسجين في الدم عند الإنسان الطبيعي من 95 ملم زئبق إلى 60 فقط وهذا يؤدي إلى انخفاض تشبع الدم بالأكسجين بنسبة 3-6 في المائة. وهذا الانخفاض لا يؤثر على الشخص السليم ولكنه قد يكون مؤثرا على المصابين بأمراض الصدر والقلب والدم المزمنة. لذلك يُنصح المصابون بأمراض القلب والصدر المزمنة بزيارة أطبائهم قبل السفر بالطائرة وخاصة الرحلات الطويلة لتحديد مدى حاجتهم للأكسجين في الطائرة. وفي العادة يوصى بالأكسجين للمرضى الذين يكون لديهم ضغط الأكسجين في الدم عند الراحة أقل من 70 ملم زئبق أو تشبع الدم بالأكسجين 92 بالمائة أو اقل. وتتبع معظم خطوط الطيران نظاما معينا لحماية المرضى المسافرين فهي تطلب من الطبيب المعالج كتابة تقرير طبي يحدد حاجة المسافر للمساعدة الطبية وللأكسجين خلال السفر إن استدعى الأمر. كما أن نقص الضغط الجوي داخل الطائرة يؤدي إلى تمدد الغاز في تجاويف الجسم بنسبة 30% وهذا يسبب للإنسان الطبيعي آلاما خفيفة في الأذن وأحيانا بعض المغص. ولكن للمرضى الذين أجروا عمليات حديثا في الأمعاء قد يكون لذلك آثار ضارة. كما أن هواة الغطس (سكوبا دافينج) قد يكونون معرضين لداء الغواصين الناتج عن تخفيف الضغط في حال السفر بعد مرحلة غطس قريبة مما قد يسبب ظهور فقاعات الهواء في الدم. لذلك يُنصح الغطاسون بأن يكون سفرهم بالجو بعد 12 ساعة أو أكثر من آخر غطسة. أما الغطاسون الذين يقومون بأكثر من غطسة في اليوم فينصح بأن لا يسافروا بالجو قبل 24 ساعة من آخر غطسة. تخثر الدم الوريدي: تقوم عضلات الجسم وخاصة الأطراف السفلى بالانقباض بشكل مستمر حتى خلال النوم لكي تمنع ركود الدم في الأوردة وهي آلية خلقها الله لمنع حدوث تخثر للدم وجلطات وريدية. ولأن المسافر وخاصة في الرحلات الطويلة قد يجلس على الكرسي ورجلاه متدليتان للأسفل لساعات طويلة فإن خطر تخثر الدم في الأوعية الوريدية يزداد وقد أظهرت الدراسات أن الرحلات الطويلة تزيد احتمال تجلط الأوردة بنسبة أربعة أضعاف. ولا يبدو أن هناك فرقا بين السفر في الدرجة السياحية أو درجة رجال الأعمال. وزيادة احتمالات التجلط هي نتيجة لبعض العوامل التي تزداد خلال السفر بالطائرة مثل قلة الحركة، الجفاف، نقص الأكسجين في الدم، وتزداد عند المصابين بالسمنة أو الأورام أو من أُجري لهم عمليات جراحية حديثا أو المصابين بأمراض القلب أو الصدر المزمنة. ويُنصح المسافرون في رحلات طويلة بالإكثار من السوائل وتقليل القهوة والمشي في الطائرة أو أداء تمارين الأرجل بصورة دورية خلال الرحلة. هل هناك خطورة من انتقال الأمراض المعدية خلال سفر الطائرة؟ يخشى بعض المسافرين من انتقال العدوى وخاصة عن طريق الجهاز التنفسي لهم خلال السفر بالطائرة، لأن المسافر في الطائرة يقضي فترات طويلة في مكان مغلق. ومنذ عام 1946 ثبت انتقال بعض الأمراض المعدية في الطائرات مثل الأنفلونزا والحصبة ومرض سارز والدرن وغيره. ومعظم الطائرات التجارية تعيد تدوير 50% من الهواء في كابينة الطائرة وتستخدم فلاتر هواء عالية الفعالية لتنقية الهواء. ومن التجارب المسجلة، يقتصر في العادة خطر انتقال العدوى التنفسية على الأشخاص القريبين من المريض مصدر العدوى أو الموجودين ضمن صفين من المريض. ولا توجد توصيات بتقليل السفر خلال حدوث الأوبئة. ولا يُعلم هل يؤدي تقليل السفر إلى تقليل انتشار الأوبئة أم لا. ولكن من متابعة ما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 مباشرة، وجد العلماء أن النقص الشديد في حركة الملاحة الجوية في تلك الفترة في أمريكا صاحبها تأخر موسم الأنفلونزا التقليدية 13 يوما. مما سبق يتبين أن السفر في الطائرات الحديثة آمن ولكن لا بد من أخذ الحيطة واستشارة الطبيب قبل السفر وخاصة للمصابين بأمراض التنفس والقلب المزمنة كما يجب التنبيه إلى ضرورة الإكثار من السوائل وتمارين الرجلين وخاصة خلال الرحلات الطويلة. يُنصح المسافرون في رحلات طويلة بالإكثار من السوائل وتقليل القهوة والمشي في الطائرة