هل نجح مسلسل "مطلوب رجال" في تصوير الحياة البانورامية الاجتماعية لمدينة دبي؟. المسلسل المنتج في سوريا لصالح (MBC)؛ والذي يُختتم اليوم الأربعاء عن "طول يناهز التسعين حلقة"؛ حاول فيه منتجو المسلسل العربي "الطويل" أن يصوروا الوجود العربي المتنوع في المدينة الخليجية الحديثة، من خلال إشراك خليط من شخوص درامية متخيلة تقيم في دبي. إلا أن مُشاهدي المسلسل لم يشعروا كثيراً بأن "مطلوب رجال" صور في دبي والسبب يعود لأمرين؛ الأول: لأن معظم مشاهد المسلسل الداخلية (البيوت، صالون التجميل، الشركة..)، صوّرت في سورية وليست دبي؛ ربما من أجل خفض التكلفة الإنتاجية في مسلسل كلف كثيراً بسبب طول حلقاته ومشاركة عدد لا بأس به من النجوم. الأمر الآخر: الحضور الإماراتي في المسلسل كان متقشفاً؛ على مستوى الشخصيات (ربما لأن الواقع هكذا!)؛ وهو ما أثر في عدم إحساس المشاهد بأن المسلسل صور في مدينة دبي التي ظهرت على شكل فواصل بين المشاهد لسيارات وشوارع وأبراج أو كخلفيات وهمية كما في مشهد البطلة "جمانة مراد" وهي تقود سيارتها؛ في أسلوب يذكرنا بفواصل المشاهد التي ابتكرها المخرج عبدالخالق الغانم مع مسلسل "طاش ما طاش" وشوارع مدينة الرياض العريضة. السؤال الأهم لماذا بدا المسلسل جامداً إزاء هذه المدينة، هل لأن معظم مشاهد "مطلوب رجال" صوّرت داخلياً في سورية وبالتالي بدا المسلسل غير صادق مع الجمهور وإزاء المكان الذي تدور فيه الحكاية كما نشاهد في حلقة مساء الاثنين الماضي والتي أظهرت الممثلين وهم يتحركون في مجمع تجاري بدمشق ومن خلفهم تظهر ماركات متاجر سورية وليست عالمية كما في دبي!. والسؤال يتجدد أيضاً، هل هذا سبب جمود المسلسل أم لأن طبيعة هذه المدن الخليجية الحديثة هي هكذا، مغلقة وصامتة وإسمنتية كما يقول البعض. ونحن لا نتفق مع الرأي الآخر لسبب بسيط هو العنصر "الفني"؛ إذ أن مهمة الفن بالدرجة الأولى خلق مخيلة بصرية جديدة للمشاهد وهذا بالطبع ما يتطلب أن يكون مخرج العمل الدرامي دارساً لطبيعة المكان؛ من هنا نأتي إلى أهمية أن يكون مخرج أي عمل فني من نفس بيئة العمل وذلك من اجل إنطاق الشوارع والجدران والذاكرات المخزونة بالحكايات حول هذه الأمكنة. بيد أن هذا لم يحدث في "مطلوب رجال" لأن المسلسل امتطى فكرة فضفاضة وكبيرة وهي "بانوراما الحياة في دبي" إلا أنه لم يشتغل عليها فنياً ولا على المكان الذي تتحرك فيها كاميرا المخرجين السوريين؛ لذا سوف تبقى هذه محاولةٌ في رصد أحد جوانب الحياة في دبي، درامياً؛ ولكن نتمنى أن نرى في الأعوام القادمة عملاً آخر يمس بقرب التجربة الحديثة في دبي، ولكن بأيدي إخراجية إماراتية "تفجر" الأمكنة بصرياً، وتخلق صورة لا أحد يمكن أن ينتجها سوى ابن المكان الذي يتعين عليه أن يرى بعين أعمق من سطحية الأعمال الاستهلاكية!.