منذ ما يقارب نصف قرن واللون "الأزرق" يسري في عروقي، وكما يقول الألمان إنها الدماء الذكية، والهلال يستاهل، وتعود بي الذكريات إلى الوراء، إلى الماضي التليد مطلع الثمانينيات الهجرية، حين كان الهلال في بداياته البطولية ثم ارتفع هلالاً في كبد السماء، وبدأ يجني الذهب على أيد بذلت الغالي والنفيس في سبيل رفعة شأن هذا الكيان العملاق، كانت هناك نخبة من اللاعبين الأوفياء، نجتمع في النادي أو في منزلي وعلى رأس الجميع مبارك عبد الكريم كابتن الكيان الأزرق، ثم سلطان مناحي كابتن الكيان الأخضر لبلادنا الغالية، وكان المال في ذلك الوقت شحيحا في اليد على عكس ما هو الآن، وأذكر أن الأخ مبارك كان يمتلك منجرة في شارع الوزير مع شريك آخر- المرحوم وليد السقا- وعندما احتاج النادي لشراء بعض المستلزمات الرياضية ولضيق ذات اليد باع مبارك نصيبه في المنجرة وقدم المال لرئيس النادي الشيخ عبدالرحمن بن سعيد "شفاه الله"، أما سلطان مناحي فكنت أذهب برفقته إلى شارع الثميري يشتري من راتبه ملابس رياضية له ولبعض منسوبي الهلال ذوي الموارد الشحيحة. فسبحان مغير الأحوال، الآن المال يجري في أيدي اللاعبين ولكن أين الإخلاص، أين الحب والإيثار؟، أصبح النادي يخرج لاعبين أفذاذاً ولزيادة مدخولهم يتركون ولاءهم خلفهم فهدفهم المادة وليس رفعة شأن الكرة والنادي الذي ينتسبون إليه، شتان بين الماضي والحاضر. مبارك عبدالكريم الآن مبارك عبد الكريم يسير على أربع وبصعوبة، وسلطان مناحي يجري جراحة في القلب وليس حوله إلا أسرته الصغيرة وبعضا ممن لا ينسون الوفاء والإخلاص. أكتب هذه الكلمات للتذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين، أذكر الناس بهذين العملاقين وغيرهم كثير من اللاعبين الأوفياء الذين أكل عليهم الدهر وشرب، وعندما نضب الورد تركوا ليختفوا وراء ستار النسيان، تركوا ليندثروا، لكن الذهب يجد دوما من ينقب عنه لأنه المعدن الثمين. ولعل هذه الكلمات تذكر أصحاب القرار في الكيان الأزرق وغيره، بأن ينظروا لمن رفع أول كأس ذهبية ورفاقه، بأن يمدوا يد العون والعرفان ولو بالسؤال عن هؤلاء المخلصين، فمن ليس له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل. يقول الشاعر: رعى الله قوما بالجميل تعارفوا وما تركوا بعد الجميل عتاب * هلالي قديم