** بتقدير عميق.. وبشكر وامتنان.. انظر لكثير من الأنشطة التي تديرها وترعاها الأندية الأدبية في المملكة.. بمختلف فروعها ومستوياتها.. سواء جاءت كأنشطة منبرية.. أو مطبوعات للكتب ودوريات.. أو مساهمات في كثير من جوانب الشأن العام تربوياً وتعليمياً واجتماعياً. وإن كانت تستوقفني بعض الاجتهادات.. التي لعل أبرزها ما يتعلق ب«التكريم» لقد فرحنا - في حينه - عندما بادر نادي جدة الأدبي بتكريم المرحوم المبدع الكبير عبدالعزيز مشري إثر عودته من رحلة علاجية.. وكذا بتكريم المبدعة الروائية الكبيرة رجاء عالم.. وبتلك المبادرات التي نراها من حين لآخر لتكريم الكثير من روادنا وأدبائنا.. خاصة أولئك الذين أصبحوا شبه منسيين. غير أن مفهوم التكريم في نظري.. يحمل وجهة نظر أخرى. بين من يدعو لتكريم الأدباء والمبدعين في حياتهم.. وبين من يتجاهل الأمر ولا يتذكر المبدع أو الأديب إلا بعد أن يودع الدنيا ومن فيها. أذكر انني اعترضت خلال تكريم المرحوم المشري.. على الدروع التي قدمت له.. وتصدى لي حينها الدكتور سعيد السريحي وقال: «الجود من الموجود». هنا نتوقف عند التكريم الذي يجب أن تتولاه جهة رسمية مثل وزارة الثقافة.. فلا شك أن تقديم الأوسمة من الجهات العليا عمل مهم يتوج مسيرة الكاتب والمبدع والمثقف.. غير أن المطلوب على المستوى الرسمي.. هو أن تقوم الجهة المعنية.. بوضع شروط وبنود للتكريم.. منها على سبيل المثال.. تخصص راتب تقاعدي للمكرم.. وتأمين صحي وسكن كريم.. واطلاق اسمه على قاعة أو شارع أو خلافه. أما النادي الأدبي فاعتقد أن هناك عدة صيغ يمكن وضعها للتكريم.. ويمكن ان تكون في عدة فروع.. فإذا كان الأديب أو المثقف من النوع الذي قدم ما لديه.. وهو شبه متقاعد عن العطاء.. فإن من المناسب إعادة طبع أهم أعماله في صيغة احتفالية يساهم بها أعضاء النادي وبعض الجهات ذات الصلة كالأقسام الأدبية بالجامعات وغيرها.. وفي حالة المرض الذي قد يعوق استمرار العطاء. وفي حالة الاحتفاء بتوزيع وتوقيع عمل أخير جديد يعتقد النادي أنه من الأعمال المميزة.. أما غير ذلك فاعتقد انه يأتي ضمن اطار المحبة والتقدير الشخصي.. فمادام الكاتب أو المبدع قادرا على العطاء وماضيا فيه.. فإن «تكريمه» مستمر من خلال ما كتب ويكتب عن ابداعه. أما عندما نتحدث عن ارتباط الكاتب بالمكان.. كأن ترغب مدينة الرياض أو مكة أو جدة.. أو الطائف.. في تكريم الأبناء الذين ولدوا ونشأوا فيها.. عن طريق النادي الأدبي أو أي جهة أخرى، فإنني اعتقد ان الذي يجب أن يكرم هو المكان وليس المولود فيه.. يجب أن ندعو الأدباء لتكريم المدن التي ولدوا فيها.. وتكريمها يتم بإعادة إحياء ماضيها ونقل صوره المشرقة التي ربتهم.. وبلورتهم.. للأجيال الجديدة. وأنسب الصيغ لذلك.. ان تدعو الأدباء للكتابة عن مدنهم.. لوضعها في كتاب كبير مزود بالصور والذكريات والحكايات والقصص.. أو من خلال دورياتها.. حيث يخصص حيز كبير من «الدورية» للمدينة يكتبه أحد أبنائها.. ويقول فيه ما يشاء.. أو بالتعاقد مع عدد من أبناء المدينة من الأدباء والشعراء.. لكتابة عمل روائي تكون المدينة هي البطل فيه.. أو ملحمة شعرية.. أو دراسة تاريخية أو ذكريات وصور وأحداث وحكايات.