حذرت الإدارة الاقتصادية في الأممالمتحدة من أزمة ثقة محتملة في الدولار وربما انهياره إذا واصلت قيمته في الهبوط أمام العملات الأخرى، وقالت إن مثل هذا التطور النابع من انخفاض قيمة الحيازات الأجنبية الدولارية إذا حدث فقد يعرض النظام المالي العالمي للخطر. وأشارت إلى أن سعر صرف الدولار أمام سلة من عملات أخرى رئيسية بلغ أدنى مستوياته منذ السبعينيات من القرن الماضي. وأفادت بأن هذا الاتجاه حرّكته جزئياً في الآونة الأخيرة الاختلافات في أسعار الفائدة بين الولاياتالمتحدة واقتصادات رئيسية أخرى، وتنامي المخاوف بشأن مدى إمكانية استمرار الدين العام الأمريكي والذي يعتبر نصفه مستحقا لأجانب. وقالت إنه بناء على ذلك فإن مزيداً من الخسائر المتوقعة في القيمة الدفترية لحيازات الاحتياطيات الأجنبية الضخمة قد تطلق أزمة ثقة في عملة الاحتياط، مما يشكل خطراً على النظام المالي العالمي بأكمله. وفي الوقت الذي تتوالى فيه التحذيرات الدولية وسط اعترافات صناع السياسة النقدية المحلية بأن الدولار ليس الأفضل بارتباطه مع الريال ولكنه الأفضل في الوضع الراهن لاقتصاد المملكة الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط. وأكد محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر في وقت سابق أن علاقة الريال مع الدولار ستستمر لكون الدولار العملة الأعمق والأقوى حتى وقتنا الحاضر وتتناسب مع الأوضاع الاقتصادية في المملكة، قائلا إن المعاملات الاقتصادية المحيطة في المملكة تتم بالدولار، وأكثر من 70% من واردات المملكة مسعرة بالدولار. وأوضح بأنه عندما يشكل النفط 10% من الاقتصاد السعودي وتدخل منتجات استثمارية جديدة يصبح هناك احتمالية بفك ارتباط الريال بالدولار. وتعليقا على الانخفاضات الكبيرة للدولار قال الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقه إن الاقتصاد العالمي يواجه حاليا متغيرات كثيرة جراء تذبذب أسعار العملات الرئيسية كاليورو والين الياباني والفرنك السويسري وهي مكونات سلة العملات التي ترتبط فيها الكثير من العملات الأجنبية. وأضاف أن مشهد الاقتصاد العالمي غير مستقر نتيجة متغيرات عده باستمرار مشاكل الاقتصادات الأوروبية والتي لم يتم حسمها حتى الآن مما يجعل الرؤيا غير واضحة لمعظم الاقتصادات الدولية, وبالتالي فإن استمرار علاقة الريال بالدولار ستستمر بسبب تذبذب أسعار العملات الأخرى. وعلى صعيد متصل أشار بوحليقه إلى أن الضغوط التضخمية بالسوق المحلي لا يمكن معالجتها بسبب الإنفاق الحكومي المرتفع والارتفاعات الكبيرة بالسلع المحلية كون المملكة دولة مستوردة للسلع من كافة البلدان العالمية, وبالتالي فإنه حتى الآن لا يوجد آليات فاعلة لوقف هذه الضغوط على المستهلك المحلي, وأن فك ارتباط الريال ليست هي الحل الأمثل حاليا. من جهته دعا الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش إلى ضرورة التفكير بشكل جدي بكيفية رفع قيمة الريال السعودي مع بقائه مرتبطا بالدولار الأمريكي وذلك برفع قيمته من 3.75 ريال إلى قيم مناسبة، وأهمية اتخاذ هذه الخطوة من قبل وزارة المالية والمجلس الاقتصادي الأعلى ومؤسسة النقد وستحقق هذه الخطوة المهمة للاقتصاد السعودي العديد من المزايا. وتابع حديثه بأن من أبرز هذه المزايا هي رخص الواردات المستوردة للسوق المحلي مما يساعد على دعم القوة الشرائية للمواطنين والمستهلكين, إضافة إلى جعل المنتج المحلي أكثر منافسة مقابل المنتجات المستوردة. ولفت إلى أهمية دعم الريال بقوله إن المملكة تتمتع باحتياطيات نقدية كبيرة جدا وصلت إلى 1.8 تريليون ريال وهو رقم قياسي لم تصله المملكة منذ سنوات طويلة جراء فائض البترول، مؤكدا أنه بالإمكان استغلال هذا الاحتياطي الكبير في دعم الريال بشكل كبير وبالتالي رفع المستوى المعيشي للمواطنين. وأشار إلى أن الطلب بشكل عام في الاقتصاد المحلي من قبل المواطنين منخفض نتيجة انخفاض القوة الشرائية للأفراد والتي يجب دعمها برفع قيمة الريال على الرغم من أن الاقتصاد المحلي يتمتع بعرض عال في النقود وأسعار الفائدة تقترب من معدلات الصفر وسيولة البنوك مرتفعة, إلا أن الاقتصاد السعودي وقع في (مصيدة السيولة) منذ العام 2008 بعد انخفاض أسعار الفائدة في المملكة كما حصل للاقتصاد الأمريكي. واستشهد أبو داهش بنفس السياق بضرورة تفعيل سعر صرف الريال بما جاء في بيان ومشاورات صندوق النقد الدولي في مادته الرابعة والذي أكد على ضرورة قيام صناع القرار في المملكة بالنظر في تقدير عادل للريال السعودي والذي يشهد خلال الفترة الأخيرة انخفاضا نتيجة ضعف الدولار. د. بوحليقه