تقدم الأستاذة إيمان فؤاد الخطيب والدكتور عبد الرحمن صباغ في كتابهما " حامد يقبل التحدي " نموذج لقصص الأطفال الحديثة التي تستطيع أن تخترق مخيلة الطفل ولاتقف عند ذلك الحدود بل إنها تقدم القيمة الإنسانية وتعزيز " الشجاعة " في كل شيء حتى في مقابلة مرض خطير كالسرطان ، ففي الوقت الذي يحاول فيه المؤلفان أن ينسجا حياة طبيعية كان يعيشها " الطفل حامد " في هوايته في سباق الدراجات ، نجد هذا الطفل يشعر بأعراض ما في رأسه تكتشف بعدها أسرته بأنه مريض بورم في المخ ولابد من استئصاله ، ويكمن قمة التطوير في بناء نسج الخيال الإنساني في رسم صورة الكادر الطبي الذي يتعامل بإنسانية مطلقة مع الطفل حامد " في وصف مرضه " حيث يشرح الطبيب لحامد مامعنى أن يكون هناك كرة صغيرة في المخ وماهي الأعراض التي سيشعر بها ، ثم تقديم الحلول البسيطة لعقلية الطفل التي يستطيع من خلالها أن يفهم مامعنى أن يكون مريضاً بالسرطان ، وكأن في تلك القصة ربطاً عميقاً بين الحياة وبين طبيعتها من ضرورة تقبل المحن والطريقة المثلى لتقديمها ليس فقط للأشخاص بل للطفل الذي قد لايدرك تماما ماذا يعني أن يكون " مريضاً بالسرطان " وقد أعتمد المؤلفان في ذلك على طريقة ذكية في وصف مايتخيله الطفل من حقائق يخبرها له الكبار " فحامد يعتقد بأن مابداخله كرة ملونة قد تكون زرقاء أو صفراء وذلك الخيال جاء مصاحباً لتعبير الطبيب الذي بسط المرض لديه ليعطيه مساحة من الراحة النفسية والأمل حينما قال له " بداخل رأسك كرة لابد أن نخرجها لترتاح " ثم كيف يبدأ التدرج النفسي لدى " حامد " بتقبل المرض حينما يشرح لأصدقائه وهو في المستشفى عن مرضه ويخبرهم بأن كرة ملونة تسللت إلى رأسه وسيزيلها الدكتور غدا " ثم القفز بنفسية الطفل المريض بالسرطان من مرحلة القبول إلى ربطها بالجانب الروحاني حينما تظهر صفحة من القصة بطريقة إنسانية لأبوية وأصدقائه وهم يصلون يدعون الله له بالشفاء وكأن القصة جاءت لتعمق إيمان الطفل المريض بمرض خطير أن الصلة بالله تمنحنا النجاة في الحياة ، ليبدأ الحدث في القصة بالتطور بإتمام عملية حامد باستئصال الورم ثم تدرجه بالعلاج مع وجود بعض التعليقات المرحة والتلقائية من حامد الذي يجرب أن ينقل واقعا متفائل لكل طفل يقرأ تلك القصة وهو مريض بالسرطان حتى حينما يتناول العلاج الكيماوي فيسقط شعره ، فحامد يبقى مبتسما على أمل أن يعود كل شيء لسابق عهده قبل المرض .. ثم تنتهي القصة بفوز حامد في سباق الدرجات بعد سنة من علاجه واستئصال المرض مستخدم المؤلف في النهاية بعض العبارات المرحة التي تنقل الطفل إلى ساحة السباق ليسمع الهتافات والضحك وطعم الفوز ... وقد تم الاعتماد في ربط العالم الحسي الذي يشعر به الطفل وهو سباق الدرجات بالعالم المعنوي الذي قد لايدركه تماما طفل في سن الثامنة أو السابعة كالفوز والتغلب على المرض ، ففي الرغبة بتحقيق الانتصار في السباقات طعما مشابها لما نتوق أن ننتصر عليه بدواخلنا في الحياة ، فالفوز هنا المستخدم في القصة هو فوز استعارة لفوز حقيقي لابد أن يشعر به الطفل وأن يدعمه لديه الكبار وهو الفوز على صعوبات الحياة حتى إن كانت في التغلب على مرض خطير قد يقود للموت مثل السرطان ... قصة حامد يقبل التحدي من قصص الأطفال التي جمعت بين صفحاتها البساطة والتلقائية والرسومات الجميلة والعبارات المقتضبة جدا في الصفحة الواحدة لكنها تقدم قيمة إنسانية عميقة ليس فقط لدى الطفل وتربيته النفسية على تحدي المرض بل كذلك على الإيمان الذي لابد أن يتسلل للكبار حينما يقع من يحبون في الحياة بمحنة وذلك بدفعه إلى التغلب على المحن ... قصة حامد يقبل التحدي تضع قيمة كبيرة للطفل المريض بمرض السرطان بأنه عليه أن يقبل التحدي وأن يثبت لنفسه بأنه جدير بأن يعيش في الحياة التي من طبيعتها المحن الشائكة والتي دائما تضعنا في مفترق طريق واختيار ... إنها القصة التي نحب أن يزود أطفالنا بها ليس لتقبل التحدي فقط بل أننا بحاجة لكم كبير من القصص التي تعطي القيم والمبادئ العميقة والواضحة وتضعها في دائرة خيال واهتمام الطفل العربي .... فكم طفل سيقبل التحدي كما قبله حامد ؟!!