ليس تفاؤلي هذا أسطورة، بل إنه ينبع من إيمان كامل بأن أمثال نتنياهو، الدجالين، الذين يحترفون الكذب بدم بارد سوف تكون نهايتهم قريبة، فإسرائيل التي بنيت على كذبة دينية كبيرة لا يصدقها إلا من أعمت عيونهم الدولارات اليهودية، لن يكون لها مستقبل بيننا مهما طال العهد. نتينياهو، الذي صفق له الكونجرس الأمريكي 59 مرة على كذبه وتلفيقاته وتدميره لعملية السلام "الأكذوبة" الواهية التي لن تقوم لها قائمة لأن هذه الدولة المسماة إسرائيل لن تقبل إلا أن تكون السيد في هذه المنطقة وكأنها نسيت التاريخ ونسيت أن ميزان القوى يتغير، فهي سنة كونية ولكل زمان دولة ورجال، وليس هناك أصدق من كتاب الله حيث يقول "وتلك الأيام نداولها بين الناس". المؤسف حقا أن نتنياهو لن يرى أحفاده وهم يركبون البحر ليعودوا من حيث أتوا، ولن نقول إننا سنلقيهم في البحر أو نحرقهم كما فعل النازيون الذين يساندونهم هذه الأيام، فنحن نرحم أعداءنا رغم أنهم لا يستحقون ذلك. ولا أريد أن أسرح كثيرا في الأحلام، لأن الواقع يكدر الخاطر، فهو عكس مانتمناه، لكن المستقبل واعد وأنا مؤمن بهذا المستقبل. خطاب نتنياهو المليء بالدجل مخجل للأمريكيين انفسهم، فكيف بربكم دولة ترعى السلام توافق على كل هذه الأكاذيب وهذا الخرق للمواثيق الدولية التي رعتها أمريكا بنفسها؟ كيف تسمح دولة عظمى بأن يتلاعب بها مجرمو حرب مثل نتنياهو وعصابته، لكننا في زمن العجائب ويجب أن نتقبل كل شيء بصدر رحب ونخطط للمستقبل، فهذا الزمن ليس زماننا لكننا يجب أن نضع في حسابنا أن إسرائيل لن تبقى بيننا مهما طال بقاؤها، فهي محصورة بيننا وبين البحر ولن يغير تلاعبها بحدود عام 67 ذلك الحصار مهما وسعت تلك الحدود. كنا ننشد في الحارة وقت الشتاء أنشودة مازلت أذكرها حتى اليوم وهي تقول «طاح المطر على التين...الله يسلم فلسطين...فلسطين بلادنا...واليهود كلابنا». فقد ظهرت تلك الأنشودة بعد حرب 73 وكانت باعثة على الأمل، وتشعرنا أننا قريبون من الحلم العربي الذي طال انتظاره. خرج علينا اليهود بخرافة أجدادهم الذين سكنوا في فلسطين ويقول نتنياهو "على الفلسطينيين أن يشكروا الله أننا سوف نعطيهم دولة"...شكرا يا نتنياهو على عطاياك السخية فنحن ممتنون لك ولعصابتك المجرمة التي اغتصبت الأرض ولتفضلك علينا بإعطائنا دولة "كسيحة" على مقاس مزاجك. لكننا نتمنى على نتنياهو أن يثبت لنا أن أجداده سكنوا فلسطين في عصر إبراهيم، فكل تنقيباتكم عن الهيكل المزعوم تؤكد أنه غير موجود، لقد نخلوا موقع المسجد الأقصى نخلا، وحولوا قاعه إلى سراديب مثل "المنخل" ولم يجدوا هيكلهم المزعوم، فأين هؤلاء اليهود في هذه الأرض التي يشهد كل ركن فيها على عروبتها، حتى تل أبيبهم فعمارتها فلسطينية عربية. الأكاذيب قد تفيد لفترة من الوقت ولكنها لن تفيد عصاباتهم كل الوقت، وإذا كان الحاضر "لهم" فليتأكد نتنياهو أن المستقبل لنا. ما آمله أن لا يكون هذا القرن قرن إسرائيل، فقد بدأ بربيع عربي وسينتهي باستعادة كل الحقوق العربية. عملية السلام التي تم نحرها في الكونجرس ليست واقعية اصلا ولن تحدث أي سلام. لأنها ليست عادلة وكانت عبارة عن مسكن من أجل تعايش مؤقت لأنه يصعب التعايش مع دولة مجرمة متعجرفة لا تعترف إلا بمنطق القوة. شكرا لنتنياهو وأمثاله لأنهم يوقظون العالم العربي من سباته بالقوة، بغرورهم وتصلفهم وسوف يدفعوننا للقوة وهذا هو المنطق الطبيعي والصحيح. لم أكن راضيا في يوم عن عملية السلام ولم أقتنع بأي من خطواتها وأذكر أنني شعرت بحزن شديد عندما وقع السادات اتفاقية كامب ديفيد، فقد كنت صغيرا في ذلك الوقت (الأول إعدادي) لكني مازلت أتذكر بعض المشاهد التي علقت في ذاكرتي ولم تمح أبدا، فلم اتصور أن قائداً عربياً ممكناً أن يصافح مجرم حرب مثل مناحم بيجن. قبل تلك السنوات كنا ننشد في الحارة وقت الشتاء أنشودة مازلت أذكرها حتى اليوم وهي تقول "طاح المطر على التين...الله يسلم فلسطين...فلسطين بلادنا...واليهود كلابنا". فقد ظهرت تلك الأنشودة بعد حرب 73 وكانت باعثة على الأمل، وتشعرنا أننا قريبون من الحلم العربي الذي طال انتظاره. لقد اختفت تلك الانشودة وغيرها من الأناشيد ولم يعد يشعر أبناؤنا أن هناك أرضاً اسمها فلسطين مغتصبة، وأن هناك مجرمي حرب يفرضون وصايتهم علينا ونحن مطأطؤو الرأس. خطاب نتنياهو مليء بالإهانات لكل ماهو عربي، إنه يستعرض القوة ويلفق الاكاذيب ونحن لا نستطيع أن نرد إلا بقول الرئيس الفلسطيني "المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات حتى سبتمبر وبعد ذلك هناك خيار سبتمبر" والحقيقة أنني لا أعلم ماهو خيار سبتمبر لكنه بكل تأكيد سيكون "المفاوضات" لأننا لانملك اي خيار آخر. ما يثير الحزن فعلا هو أننا مازلنا نصدق الغطرسة الإسرائيلية ومازلنا نتشبث بحبال واهية لن توصلنا إلا إلى طريق مسدود فالتفاوض مع إسرائيل أصلا مغامرة غير مأمونة، فهو يعني التنازل ومزيداً من التنازل وحتى لو تنازلنا عن كامل ارض فلسطين "فلن ترضى عنك اليهود"، المسألة تبدأ من القوة ولا شيء غير القوة، وعلينا أن نعد لهم مااستطعنا من قوة، وإذا أردنا السلام فلنستعد للحرب، أما المفاوضات ثم المفاوضات فلن توصلنا إلى أي نتيجة. أتمنى على كل عربي يشعر ببعض الغيرة وبعض الكرامة أن يرجع مرة أخرى، ويسمع نتنياهو ويسمع التصفيق الحاد الذي قابله به الأمريكيون، لأنه سيصل بعدها إلى قناعة أنه لايوجد أمل في أي مفاوضات ولا يوجد مخرج لفلسطين إلا باستعادة كل فلسطين، أما "خرافة السلام" مع إسرائيل، فهذه ليست موجودة إلا في خيال العرب والواقع يؤكد ذلك. دعوني أقول إنني مؤمن بأننا في النهاية سوف ننتصر، وهذا الإيمان ليس "أضغاث أحلام"، لكنه إيمان نابع من واقع التاريخ والجغرافيا، فإسرائل جزء من الجغرافيا العربية، ولن تستطيع أن تنمو سكانا أكثر منا، ولن تظل قوية ونحن ضعفاء ولن نقبل أن يبقى هذا الجسد الغريب بيننا مهما طال أمد بقائه، وما يجب علينا فعله هو أن نعلم أبناءنا أن هذه الدولة الغريبة المغتصبة هي جسد غريب مهما طال الزمن.